
في وسط زخم من برامج الترفيه العشوائي، يبرز برنامج اللمضة كعلامة مختلفة، لا تسير على درب السائد. هو ليس فقط فقرة مرحة أو تحدي خفيف، بل مشروع فني تربوي اجتماعي إنساني، يدمج الضحك بالرسالة، ويصنع من “اللمض” قيمة تستحق الاحتفاء.
البرنامج الذي جذب الانتباه منذ حلقاته الأولى، تقف خلفه سعاد خفاجي، المخرجة والمبدعة التي لا تكتفي بأن تكون وراء الكاميرا، بل تظهر أمامها كأخت كبرى للمشاركين، وصوت يُعطي للكلمة معناها، وللموهبة مجالها.
■ سعاد خفاجي… الفكرة، والكلمة، والإخراج
لم تكن “اللمضة” مجرد صدفة عابرة، بل مشروع وُلِد من شغف طويل لدى سعاد خفاجي بمجال الطفولة والتعبير الإبداعي.
فهي لم تكتفِ بتقديم البرنامج، بل كتبته كلمة كلمة، ورسمت ملامحه من أول مشهد لآخر لقطة.
وأخرجته بأسلوب فني بسيط لكنه ذكي، يُراعي نفسية الطفل، ويمنحه مساحته دون أن يختطف منه الأضواء.
تقول سعاد:
“أنا كنت بدوّر على شكل جديد من البرامج، يكون فيه خفة دم بس فيها ذوق، فيه تحدي بس فيه احترام، فيه ضحك بس مش على حساب حد، بل لصالحه. وده اللي حاولت أعمله في اللمضة… برنامج يضحّكك، ويخليك تفكر.”
■ المحتوى: لمضة بعين الموهبة، مش بعين السخرية
كل حلقة من حلقات اللمضة مبنية على تحديات خفيفة وسريعة، لكن ذكية، بتقيس سرعة البديهة، والردود التلقائية، والطرافة الطبيعية بدون تصنّع.
والمنافسة دايمًا قائمة بين “اللمضين” اللي بيظهروا على الشاشة، لكن “الفوز الحقيقي” – زي ما بتقول سعاد – مش في الهدية، لكن في “لحظة الثقة” اللي الطفل بيعيشها وهو بيتكلم ويلاقي نفسه مسموع ومشوّف.
■ الهدايا مش جوايز… دي أدوات لبناء الثقة
من اللحظة الأولى، قررت سعاد إن الجوايز تكون ليها طابع مختلف. مش مجرد لعبة أو منتج، لكن رسالة مغلفة بهدية.
هنا ظهر التعاون مع شركاء آمنوا بالفكرة، وكانوا جزءًا من الحلم:
أوليفيا للعسل: مش بس بتقدّم باكدجات عسل خام نقي 100%، لكن بترمز لفكرة “الحلاوة اللي جواك”، والنقاء اللي لازم نغذيه في الأطفال من صغرهم.
رُؤى للبصريات: وفّروا نظارات وسلاسل نظارة أنيقة للأطفال الفايزين، في لمسة دعم للتميز الشخصي، وتأكيد إن الشكل جزء من الثقة بالنفس.
وفي إحدى الحلقات، قررت الفائزة “مريم” إنها تاخد محتويات بوكس JoyBox وتعمل منها هدية لمامتها، وسلسلة نظارة كهدية شخصية، في مشهد مؤثّر أثبت إن الهدية ممكن تكون بداية لحب كبير.
■ مشهد من كواليس النجاح
تقول سعاد:
“فيه بنت دخلت خايفة، مش عايزة تتكلم، وكل اللي حواليها بيقولوا عنها خجولة. بعد أول تحدي، بدأت تضحك، تجاوب، تسبق زمايلها. في آخر الحلقة، طلبت تصور فيديو تهديه لباباها وتقول له إنها كسبت. اللحظة دي علمتني إن اللمضة مش بس على الشاشة… دي طاقة، ولو عرفنا نوجّهها صح، نغيّر مصير طفل.”
■ ما بعد اللمضة… إلى أين؟
البرنامج في طريقه لتوسعات قريبة، مع تجهيز موسم جديد أقوى من الأول، يشمل زيارات للمدارس، شراكات مع مكتبات ودور نشر، وورش “لمضة” تدريبية للأطفال في المحافظات.
الهدف، بحسب سعاد، هو “مش تخريج جيل بيضحّك الناس، لكن جيل بيضحك وهو فاهم هو مين، وبيحب نفسه.”
الخلاصة
اللمضة ليس فقط برنامجًا كوميديًا للأطفال، بل مبادرة ذكية تُعيد تعريف الترفيه، وتُستخدم فيه الكاميرا والهدية والكلمة لتشكيل شخصية طفل، زرع الثقة داخله، ومنحه الضوء الأخضر ليكون هو… بكل لمضته، وروعته، وإنسانيته.