
في ذكرى ثورة 30 يونيو المجيدة، نستذكر واقعة مهمة سقطت فيها جميع الأقنعة والادعاءات الزائفة التي طالما تستر خلفها أنصار النظام المخلوع. ففي ذات اليوم التاريخي – 30 يونيو – وخلال بث مباشر على قناة “طيبة” التابعة لجماعة البشير المعزول، وبينما كان الشعب السوداني ينتفض في الشوارع ضد الظلم والفساد، خرج مذيع القناة عن طوره ليكشف عن الحقد الدفين الذي يكنه هؤلاء للشعب الذي رفضهم وثار عليهم.
خلال برنامج مباشر كان يستضيف أحد قادة الحركة الإسلامية في ذلك اليوم المشهود – 30 يونيو – انتقلت الكاميرا لنقل مشاهد من المظاهرات الشعبية الثائرة في الشوارع. ظن المذيع أن البث قد انقطع عن الاستديو، فأطلق لسانه بما يحمله قلبه من حقد وكراهية، قائلاً بصوت عالٍ: “الله لا يبارك فيكم ولا يكسبكم”، مخاطباً الشعب السوداني الذي كان يشاهد مظاهراته الثائرة على الشاشة. لكن المفاجأة كانت أن الصوت والصورة ما زالا على الهواء مباشرة، فوصلت كلماته المليئة بالحقد والكراهية إلى آلاف المشاهدين. وعندما أدرك خطأه الفادح، أخذ يسأل بقلق: “هل طلع الصوت على الهواء؟”، لكن الضرر كان قد وقع والحقيقة انكشفت للجميع.
هذه الواقعة ليست مجرد زلة لسان عابرة، بل هي كشف صريح وواضح للوجه الحقيقي لهؤلاء الذين يدّعون تمثيل الإسلام والأخلاق. فبينما يرفعون شعارات دينية ويتحدثون عن القيم الإسلامية السامية، إذا بهم يحملون في قلوبهم أحقاداً دفينة ضد الشعب الذي رفض ظلمهم واستبدادهم. إن هذا السلوك يكشف عن النفاق السياسي والديني الذي يمارسونه، فهؤلاء الذين يتشدقون بالأخلاق الإسلامية، يسبون ويشتمون شعباً بأكمله لمجرد أنه رفض نهجهم الاستبدادي. كما يكشف عن الحقد الأعمى الذي يكنونه للشعب السوداني الذي أسقط نظامهم وفضح فسادهم أمام العالم، بالإضافة إلى سوء الأدب والأخلاق، فالمذيع الذي يفترض أن يكون نموذجاً للمهنية والأدب، يظهر مستوى متدنياً من الأخلاق والسلوك.
هذه الواقعة التي وقعت في يوم 30 يونيو التاريخي، تلقي الضوء اليوم على الدوافع الحقيقية وراء الحرب العبثية التي اندلعت في أبريل 2023. فالحقد الذي كشف عنه ذلك المذيع وقتها، والرغبة في الانتقام من الشعب الذي أسقط عرشهم وفضح فسادهم، يفسر الكثير من الممارسات المدمرة التي نشهدها اليوم. إن هؤلاء الذين لم يتورعوا عن سب شعب بأكمله على الهواء المباشر في لحظة انتفاضته ضدهم، هم أنفسهم الذين لم يتورعوا عن إشعال فتيل الحروب والفتن بعد سقوط نظامهم، انتقاماً لكرامتهم المجروحة وسلطتهم المفقودة. فالحرب الدائرة اليوم ما هي إلا امتداد لذلك الحقد الذي كشفته واقعة 30 يونيو.
هذه الواقعة التي وقعت في ذلك اليوم المشهود تؤكد على عدة حقائق مهمة، فالأقنعة مهما كانت محكمة، فإنها تسقط في لحظات الانفعال والغضب من رؤية الشعب ينتفض، كما أن الحقد والكراهية التي كشفت عنها تلك الواقعة، تفسر الدمار الذي أحدثوه بعد سقوط نظامهم. وتؤكد أن الشعب السوداني كان محقاً في ثورته ضد هؤلاء الذين لا يحملون له إلا الحقد والكراهية، وأن الحرب العبثية اليوم هي نتاج طبيعي لذلك الحقد الذي كشفته واقعة الثلاثين من يونيو.
في هذه الذكرى العزيزة لثورة 30 يونيو، نستذكر تلك الواقعة التي كشفت الوجه القبيح لمن يدّعون الدين والأخلاق، بينما قلوبهم مليئة بالحقد والكراهية ضد شعبهم. وتؤكد أن الشعب السوداني كان على حق عندما رفض هؤلاء وثار عليهم في ذلك اليوم المشهود. إن سقوط القناع في تلك اللحظة التاريخية على الهواء المباشر، والحرب العبثية التي أشعلوها لاحقاً انتقاماً من الشعب، يجب أن يكونا درساً لكل من يتابع الشأن السوداني، ليعرف الحقيقة كاملة عن طبيعة هؤلاء الذين أسقط الشعب عرشهم في 30 يونيو، وما زالوا يحاولون الانتقام منه حتى اليوم.