رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

دلالات معركة عبد الحي يوسف مع البرهان : رشا عوض

ان تسريب ندوة عبد الحي يوسف ، ثم رد فعل البرهان الغاضب على ما ورد فيها من انتقاد للجيش وقائده اكد امرين هما ان هذه الحرب هي حرب الحركة الاسلامية ليس فقط في السودان بل في كل الاقليم ، وان هدفها هو صراع السلطة، وهو صراع بين عدة اطراف منقسمة على نفسها وهنا تكمن الخطورة!
الانقسام ليس بسيطا! بمعنى ان البرهان في ضفة و”الحركة الاسلامية” في الضفة الاخرى!
ابدا فالحركة الاسلامية نفسها تيارات متصارعة كل يريد ان يقطف ثمرة الحرب اي احتكار السلطة!!
الاسلاميون موحدون فقط ضد القوى المدنية الديمقراطية وضد فكرة التغيير السياسي في اتجاه اهداف الثورة، وموحدون خلف مواصلة الحرب حتى تحقق لهم غاية الوصول للسلطة اما على كل السودان، واما على دولة النهر والبحر اذا تعذر عليهم سحق الد.عم السريع تماما او اعادته الى وضعية الشريك الاصغر !
مشكلتهم مع البرهان هي ان له رغبة جارفة في الحكم كدكتاتور تقليدي مسنود بالجيش! وفي سبيل تحجيم نفوذ الاسلاميين في الجيش خصوصا اذا ضيقوا عليه الخناق وشرعوا في ازاحته وارد جدا ان يبحث عن صفقة مع الد.عم السريع ليعيد لعبة البشير القديمة: تخويف الجيش بالد.عم السريع وتخويف الدعم السريع بالجيش ويظل هو رمانة الميزان!
ولهذا السبب ركز عبد الحي يوسف على ان البرهان لا يختلف عن حميدتي ووضعهما في خندق واحد!
يبدو ان البرهان “يحفر بالابرة” للافلات من سيطرة الكيزان والانفراد بالسلطة باسم القوات المسلحة!
والكيزان يحفرون بالابرة للتخلص من البرهان وفي ذات الوقت يحفرون لبعضهم البعض( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى)! وهذا يفسر اختلاف ردود افعالهم على كلام عبد الحي يوسف الذي نفت الحركة الاسلامية ببيان انه جزء من هياكلها فيما احتفى كثير من الكيزان بحديثه و بعض مشائخهم
مثل شيخ مهران وبخ البرهان على وصفه عبد الحي بالتكفيري والضلالي وقال ان الحديث معه يجب ان يكون بادب.
تيار من الاسلاميين يرغب في تصعيد ياسر العطا قائدا عاما للجيش وهذا يتصادم مع حلم البرهان وكذلك مع طموحات الكباشي!
والكباشي لو تمرد سيسبب مشكلة عويصة للجيش( ابناء النوبة رقم كبير في الجيش وخسارتهم تعني خسارة اكبر قوة مقاتلة تبقت للجيش)!
“وصلات الردحي” الحالية على خلفية ما قاله عبد الحي يوسف في الندوة التي تم تسريب تسجيلها الى مواقع التواصل الاجتماعي كلها في اطار صراع حقيقي متعدد الاطراف ، كل يرغب في استغلال الجيش كسلم صعود للسلطة!
المحزن بحق في كل ذلك هو ان الاطراف المتصارعة جميعها حتى هذه اللحظة اثبتت انها لم تتعلم الدرس الصحيح من كارثة الحرب!!
هذه الحرب اثبتت ان السودان لن ينجو من طاحونة الحرب الا عبر مشروع سياسي اهم اركانه خروج العسكر من السياسة واعادة بناء المنظومة الامنية والعسكرية على اساس قومي ومهني وتأسيس شرعية الحكم المدني على اسس ديمقراطية تكفل التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة!
اعتماد البندقية كرافعة سياسية اشعل هذه الحرب!
الاصرار على الصعود الى السلطة بالبندقية سواء بندقية الجيش او بندقية الدعم السريع او بندقية المليشيات الاسلامية او بندقية الحركات المسلحة نتيجته هي استمرار الحرب لزمن طويل وتقسيم السودان لمناطق نفوذ متحاربة في داخلها وفيما بينها! وانقسام كل الجيوش و المليشيات الموجودة في الساحة واندلاع المواجهات المسلحة في داخلها! ليس مستبعدا ابدا انقسام الجيش وانقسام الد.عم السريع وانقسام مليشيات الاسلاميين وانقسام الحركات المسلحة اكثر من انقساماتها الحالية .
وهذا معناه ضياع السودان كدولة واحدة لصالح الفوضى والتشظي! الواقع الحالي لا يبشر حتى بانقسام سلس وناجح الى دولتين او ثلاثة !!
متى نستخلص الوعي الصحيح من هذه الحرب؟
كم من الارواح والخسائر يجب ان ندفع حتى نتعلم الدرس الصحيح؟
ما هو حجم الالم والعذاب ومرارات التشرد ومذلة الحاجة الذي ما زال في انتظارنا كي نستيقظ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى