أيوب صديق ..كوز على هامش أنباء لندن !
لمن المفترض أن كل انسان في الحياة كامل الحرية في أن ينتمي للوجهة السياسية التي يرى مبادئها تتناسب وقناعاته الذاتية ..وليس من منطق الخلاف البتة أن ننكر على الآخرين ايا كان موقعهم من اعراب الحياة العامة أن يعبروا عن ذواتهم خدمة للوجهة التي يرونها تخدم ولاءهم الوطني حيثما حلوا أو رتحلوا . فللتين قوم كما للجميز اقوام !
ليس لي معرفة شخصية بالاستاذ المذيع العالمي المتقاعد ايوب صديق غير انني كنت معجبا به وقد شاهدته مرارا وانا اتردد كمتدرب صغير على الإذاعة في بواكير شبابي ولكن من على البعد فقط منذ أن كان صوته ينطلق من إذاعة ام ادرمان و حتى مرحلة منتصف السبعينيات التي انطلق بعدها ذلك الصوت من إذاعة القسم العربي في لندن وقد كانوا بحق هو ومن معه من أبناء السودان يمثلون مفخرة قيمة وامتدادا زاهيا لمشوار بداه من قبلهم أستاذة كبار مثل محمد خير البدوي و حواء البصير و الطيب صالح وصلاح احمد وغيرهم .
مناسبة هذا الشبال كما يقول صديقنا بروفيسور البوني ..أن الاستاذ ايوب سطر مقالا صغير الحجم في الأيام القليلة الفائتة لا يتناسب من حيث الصياغة ولا المضمون مع خبير اعلامي في حجم حنجرته التي عبأت اثير هنا لندن على مدى ثلاث وعشرين سنة ..كما قال ولم يسمع في بلاد الإنجليز أن المدنيين يتدخلون في شأن الجيش إلا عبر اللجان البرلمانية المختصة التي تقرر شرعنة بعض المشاركات في العمليات خارج حدود البلاد ..ولكنه صدم كما قال من تصرفات بعض من أسماهم بيساريي ما بعد ثورة ديسمبر المجيدة كما وصفها من قبيل التدليس وليس الإيمان بها وهو المعروف بعدائه الكيزاني لها منذ أن كتب مقالا تهجم فيه على نزاهة و نظافة يد الدكتور عبد الله حمدوك إبان توليه رئاسة حكومة الثورة وحاول أن ينعت الرجل بأنه صنيعة شلة كيزان أديس أبابا امثال السيدة أميرة الفاضل التي لولا أنها منت عليه يتزكيته كوزير لمالية الانقاذ حينما كانت تترنح للسقوط لما عرفه الناس ..وو صف رفض حمدوك للمنصب بأنه نكوص مخجل وجحود بائن عن تلبية نداء الوطن حينها .
ولكن في مقاله الاخير بالامس عاد و نعى ايوب على شباب الثورة أنهم ظلوا يكيدون للجيش ببذاءات القول و قبيح الصفات لقادته وهم القادة الذين لولاهم لما نجحت الثورة في اقتلاع البشير على حد تعبيره !
وهنا نقول للاستاذ ايوب لا احد من الثوار يستعدي القوات المسلحة ككيان وطني معروف دوره في الحياة العامة وانما المستهدف بالنقد هم قادته وانت تحرض في مقالك قائد انقلابهم بعقليتك الكيزانية ليحسم الامور بتكملة سيناريو انقلابه الذي ولد ميتا .
انت الذي لم تستفد من وجودك في بلاد ديمقراطية وستمنيستر بأن تستشف منها ثقافة إدانة الانقلابات على اطلاقها ولم يلفت نظرك أن وزارة الدفاع هناك كانت تتولاها سيدة مدنية قالت إنها لم تمسك في حياتها ولو مسدسا خفيفا للدفاع عن نفسها لأنها لاتعرف كيف تستخدمه ..وان وزيرة الداخلية هي شابة من عامة المهاجرين لم تدخل في حياتها ولو مركز شرطة !
الم تسمع في لندن بأن أبناء المملكة كانوا يرسلون إلى حروب الفوكلاند و أفغانستان والعراق مثلهم مثل أبناء عامة الشعب ..بينما اثناء غيابك الطويل كانت سلطة جماعتك الكيزان لا تقبل في كليات الجيش والشرطة الا الذين يزكيهم التنظيم الكيزاني فأصبح كل كبار الضباط الذين دخلوا منذ أواخر سنوات نظام مايو حينما تسلل اليه سوس الاسلامويون هم من كوادر الجبهة الإسلامية ..لذا تجدهم الان ذاتهم الذين يستميتون لإستعادة السلطة التي اعتصم الشباب الرافضون لكوزنة الجيش من أجل ازاحتهم والكل يعلم أنهم أعضاء اللجنة الأمنية التي أثرت النجاة بنفسها هروبا من المركب الغارق للخروج تسترا خلف الجماهير من باب الثورة لكنهم عادوا لاحقا خائنين العهد من نافذة انقلاب 25 اكتوبر ..فهل شهدت مثل هذا خلال إقامتك في لندن وهل كان كبار الضباط هناك بتدخلون في الشأن السياسي ويعطلون الحياة العامة لما يقارب العامين في سبيل حماية أنفسهم..وهل قابلت ذلك السلوك في بلاد تنتخب شابا هنديا مثل رشي سوناك رئيسا للوزراء الآن و يعتبر بحكم منصبه كمدني في مقام القائد العام للجيوش البريطانية علما بأن سلطة الملك هناك لا تعدو كونها شرفية رمزية ليس إلا ..!
فماذا تعلمت من مكوثك الطويل في ديمقراطية تلك البلاد غير عبارة هنا لندن التي كنت ترددها دون أن تتدبر فحواها العميق لتعود بعد كل ذلك الزمن الطويل وتقارن بينها وبين اعجابك بقيادة الجيش البرهاني الذي لم يكلف نفسه بحماية الشباب الذين كانوا يتحلقون حول حماه بينما آلة الحقد الانقاذي تتقصدهم فجرا و تحصدهم كالجراد وهم قيام صيام في موقعة فض الاعتصام ..فكيف لهم لا ينادون بتنظيف صفوف جيشهم من رجس تنظيمكم الأشر وشعبنا هو الذي يدفع غاليا و يصرف من عروق دمائه عليه ليحمي أبناءه.. لا أن يتفرج على محرقتهم أمام قلعته التي أعلى البرهان من حوائطها الان لحماية نفسه ..فأين كنت انت حينها ..
غير انك تهيم على هامش أنباء لندن و بعيدا عن سواحل حرياتها يا استاذ يا محترم !!!