الأعمدة

فشل السلطة الإنقلابية المزدوج !

اي قيادة حكومة مدنية كانت أم عسكرية حينما تجد نفسها تخوض حرباً سواء فرضت عليها او دخلتها بقناعة مدروسة لتحقيق أهداف استراتيجية معينة ايا كان نوعها ..فإنها تترك قوس الحرب لمن يجيد استخدامها في الميدان من الخبراء العسكريين الموهلين و تسليحهم بالثقة البعيدة عن الريبة في اخلاصهم الوطني وإيمانهم بعقيدتهم العسكرية القتالية وليس بالضرورة الوفاء المغلق العقلية للسلطة الحاكمة تحديدا .
بينما تقوم من جانب آخر بتسخين فرن النشاط الدبلوماسي المتخصص لتعطي الخبز لخبازه كما يقول المثل الشائع .
الان سلطة الانقلاب العسكرية ولا نقول حكومتها لأنها ليست موجودة على خارطة مشهد الفعل السياسي أصلا .. وبعد أن ادخلت اطماع جنرالاتها البلاد والعباد في أتون هذه الحرب تجدهم ينتقلون من فشل عسكري مخجل جعل حمار شيخهم المختبي وكبار مساعديه اين لا احد يعلم يقف عند عقبة عدم وجود الرؤية الواضحة التي تمكن الجيش من التقدم خطوة حتى في تأمين المواقع الهامة التي يعلن تحريرها ولكنه لا يلبث هنيهة حتى يتركها لقمة سائغة ليلتهمها مرة اخرى ضباع الدعم السريع مثلما حدث في مواقع اليرموك ومستودعات الطاقة والغاز وغيرها .!
وهو أمر لم نجترحه من منطلق حب التقليل من بسالة الجندي السوداني حاشا وكلا.. ولكننا نقوله من واقع متابعتنا للظهور الهزيل المتمثل في وجوه هولاء الشباب الاشاوس الذي اجهدتهم محاولات تحقيق انتصارات محدودة دون أن يظهر معهم اي قائد كبير لتحفيزهم نحو تحقيق المزيد .
ولعل منظر هولاء الجنود أمام مدخل جسر الحلفاية يعكس ذلك البون الشاسع الذي يفصل بين تواجدهم لعدد محدود في قلب المعركة يواجهون المخاطر بشجاعة رغم الإعياء استطالة وتكرار حالات الكر والفر وبين انكفاء كبار قادتهم في مخابئهم المؤمنة لحمايتهم .
ولكن هذا النقد بتنا نسمعه من اقرب الناس لاسيما عناصر النظام البائد وعضوية المؤتمر الوطني المحلول وجماعة الحركة الإسلامية من مطلقي مصطلحات البل والجغم المنتشرة من طرف المتحمسين لمواصلة اتساع المعارك حتى تحقيق النصر مهما كانت التكلفة البشرية والمادية و الذين أصبحوا يتهمون قادة اللجنة الأمنية وتحديدا القائد العام البرهان صراحة بانه يتمادي في خذلانه لهم وهم من راهنوا ببقية مستقبلهم وكتاپبهم الجهادية وقوفا خلفه بالقتال وليس المقال فقط !
أما الوجه الآخر لفشل هذه السلطة الإنقلابية فيتمثل في الجانب الدبلوماسي الذي لم يعرف له حركة ملحوظة لاستتفار الدعم الإنساني و السعي لاحتواء حريق الحرب على اي مستوى بل إن العناصر الضعيفة التي أوكلت لها المهمة جاءت تحركاتها العرجاء بنتائج عكسية تماما والدليل أن السفير دفع الله الحاج ومن بعده النائب مالك عقار لم يكونا على قدر حجم تلك المهمات بل أن عناصر ضعفهم باعدت حثيثا مابين المبادرات المقدرة عربيا وأفريقيا ودوليا وبين الحلول التي باتت تراوح مكانها في أقصى ما استطاعته من مساعدات إنسانية محدودة ومتباعدة الوصول لمحتاجيها و نجمت عنها بالكاد هدن هشة زادت خلالها رفعة القتال من حرب العاصمة متخذة بعدا يخشى أن يتحول إلى حرب أهلية في أوسع رقعة لا قدر الله ستدفع لامحالة بالقوى الأممية والدول الكبرى إلى اتخاذ خطوات حاسمة تجعل إدارة امورنا تخرج عن أيادينا ..وهذا كله سيدفع ثمنه شعبنا الذي يستحق سلطة قوية و مسئؤلة و نافذة القول والفعل تسمو إلى قامته السامقة بدلا عن دفعه ناحية الانحاء إلى الآخرين !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى