الأعمدة

السودان ..ليس الخرطوم فقط !

 

تجنيد الشباب في كثير من البلاد هو واجب وطني يصبح إجباريا كفرض عين يتوقف عليه مستقبل من يتخرجون من الجامعات او غيرها في إيجاد الوظائف على سبيل المثال او الرغبة في مغادرة البلاد لاي غرض كان .

وهذا امر مختلف تماما عن ما يسمى بجيش الاحتياط او قدامى المحاربين من المتقاعدين .
وقد مرت بلادنا بهذه التجربة بما لها وعليها خلال حقبة الانقاذ التي جيشت الشباب من الجنسين حتى من هم دون الحلم ودربتهم في معسكرات عدة وتحت مسميات مختلفة وفقدنا في محارق حروب تلك الحقبة شبابا من اميز طلاب المراحل العليا والكوادر المؤهلة علميا وعمليا ذهبوا من وراء فرية الشهادة المزعومة و نكاح بنات الحور الى اخر تلك الترهات التي اقر بخدعتها عراب النظام في اكثر من مناسبة بعد ان اختلف معه حواريه الذين باعوه من اجل المصلحة لاحرصا على روح المبدا !
اما التجنيد بدواع طارئة فهو يعتبر تطوعا إراديا بدوافع شتى منها الروح الوطنية الصادقة او الدفاع عن المال والعرض ا و احيانا ارتزاقا من اجل المال !
بالامس اطلق قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان نداء عاطفيا يدعو الشباب وكل من يستطع حمل السلاح وذلك للدفاع عن ممتلكاتهم التي تتعرض للنهب والسلب من طرف قوات الدعم السريع المتفلتة التي تجاوزت كل اعراف الحروب والحد الادنى لاخلاقياتها هذا ان كان للحرب اصلا اخلاق !
ورغم ان الناس في الشمال الاوسط للبلاد لاسيما العاصمة بمدنها الثلاث هم الذين ربطوا فلقة راس الفجيعة بضمادات الصبر والاحتساب ولكن لم تخلو دعؤة الرجل من تعليقات السخرية لانها تمثل في نظر البعض نوعا من قصور الجيش او ضبابية رؤاه لمواجهة الموقف بحزم واعتبرها البعض دعوة جاءت بعد فوات الاوان بمراحل !
ورغم ذلك فإننا لا نقلل من الاستجابة التي تدوالت صورها الاسافير لتلك الدعوة وتوافد اعداد من المتطوعين للتسجيل في المراكز المخصصة رغم تشكيك بعض المراقبين في ان تعيين احد دبابي الحركة الإسلامية مسئولا عن تلك الحملة قد يفتح الباب واسعا امام تسلل عناصر المتشددين من الداخل والخارج بدعاوى فكرية متنطعة .
ولكننا لا يجب ان نسيء الظن في نوايا الذين ذهبوا دون وازع عقائدي او دافع تنظيمي فمحاكمة النوايا ليست من شيم العقلاء .
فقط ما وددنا الإشارة إليه هنا وليس هذا وفقا لقراءة وزارة الخارجية الامريكية فقط التي قالت إن الدعم السريع خسر فعلا معركة الخرطوم وانما نقوله قراءة لسطور الواقع التي تقول إن إن قوات الدعم السريع وقيادتها قبل خسران المعركةمنذ انطلاقها وبداية ملامح سلوكها المشين فقد خسرت كل شي يربطها ليس بإنسان الخرطوم فقط بل بانسان الوسط والشرق والغرب والشمال بهذه التصرفات و الانتهاكات التي اثبتت انها محض عصابات تعمل خارج عن منظومة الفعل العسكري الاحترافي !
نعم سيخرج الدعم السريع من ولاية الخرطوم مجبورا او مدحورا ..ولكن هذا قد لايعني احتمال انه سيرمي سلاح خسران معركة مقابل التخلي عن توسيعه نوايا امتداد الحرب خارجها وفي رقعة اكبر يعرف تضاريسها وتفاصيلها جيدا وهذا اسوا الاحتمالات المرعبة التي تنذر باندلاع الحرب الاهلية ؟!
وهناك يطرا السؤال الملح على كل الذين تطوعوا للدفاع عن الخرطوم ..ساعتها كيف سيكون موقفهم من اختلاط اوراق حابل الحرب الاهلية بنابلها لا قدر الله ..هل ستنتهي مهمتهم مع تحرير الخرطوم وفك اسر بيوتها ام انهم على استعداد لتوسيع الشبحة مع الجيش حيثما تبع البندقية ولا احد حينها سيدرك إلى من سيوجه فوهتها مع اختلاط السياسي بالوطني و القبلي و العرقي .
نسال المولى ان يخيب مسعى من يريد توصيل الامور الى ذلك العمق السحيق وحما السودان من شرور ابنائه واطماع اعدائه على حد سواء .
وهو من وراء القصد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى