الأعمدة

الذكرى ال 61 لاستشهاد الرائد طيار عبد القادر الكدرو

في يوم 3 أمسية يوم /3/1963 قبل 61 عام قطعت هيئة الاذاعة البريطانية ال بي بي سي ارسالها لتعلن نبأ مقتل الطيار الصاغ عبد القادر احمد عبد القادر الكدرو أثر تحطم طائرته على ضفة النيل الازرق فى الخرطوم اثناء قيادته لسرب الطائرات التي كانت فى
استعراض جور بمناسبة زيارة الرئيس اليوغندي الاسبق الى السودان فى العام 1963 وذكرت الاذاعة البريطانية بان السودان
بموت الكدرو قد فقدت أعظم طيار أفريقي ويذكر بان رتيه الصاغ كانت رتبة عسكرية على النظام المصري التركي تعادل رتبة
الرائد اليوم. وكان عمره ثلاثون عام فقط (1933-1963) وكان يستعد لزواجه فى ذلك الوقت ولكن فإن أجل الموت محدود لا يتقدم ولا يتأخر، ولا يمكن موت أحد قبل أجله، فقد قال الله تعالى: فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ {الأعراف: 34}،
ولد الطيار الكدرو فى ضاحية الكدرو العريقة شمال الخرطوم بحري فى العام 1933 وكان والده هو الشيخ احمد عبد القادر شيخ
الطريقة التيجانية وامام جامع الكدرو العريق لمدة تزيد عن ال 71 عام وهو حفيد (ابن بنت) الشيخ محمد السيد تمساح الكدرو
ناظر خط الوسط واحد من اهم زعماء الادارة الاهلية فى السودان وشخصية قومية بارزة لعبت أدوارا مهمة فى الحياة السياسة
والاجتماعية فى البلاد. تلقى عبد القادر دراسته الابتدائية بمدرسة الحلفاية الأولية ودرس المرحلة المتوسطة بمدرسة الخرطوم بحري الأميرية الوسطى والمرحلة الثانوية بمدرسة وادي سيدنا ثم التحق بالكلية الحربية عام 1952م وتخرج فيها عام 1954م وكان أول [الدفعة 5] عين الكدرو ملازماً ثانياً ونقل إلى سلاح الهجانة بالأبيض ثم ألحق بسلاح الطيران عند نشأته في يوليو عام 1956م وكان أول الدفعة أيضاً حيث تلقى دورات طيران في كل من بريطانيا ومصر. وكما ذكرنا فان الكدرو كان بصدد اخذ اجازة للزواج ولكن الرئيس الفريق ابراهيم عبود والذي كان رئيس السودان فى ذلك الوقت ويكن كثير من الاعجاب بالكدرو لتفوقه ونبوغه وانضباطه وعسكريته المتميزة قد طلب منه تأجيل الاجازة وقيادة الاستعراض الجوي احتفاء بالرئيس اليوغندي الزائر كما كان عبود يريد ان يفتخر بتطور وقوة الجيش السوداني والذي كان فى ذلك الوقت واحدا من أفضل الجيوش فى افريقيا من ناحية التسليح والتدريب
وعند بدء الاستعراض الجوي يصف بعض شهود العيان الاستعراض الذي كان في بدايته مبهرا اذ ان الكدرو قد حلق في الجو بمعدل ومضى هادراً صخاباً يصفق بجناحيه في –المدى التكتيكي- رأسياً وتنازلياً ثم ينخرط في مناورات أفقية حادة مع تقليل نصف قطر الدوران في كل مرة حتى سقط فجأة قبالة ضفة النيل الأزرق جهة وزارة التربية والتعليم ويذكر بان الطائرة كانت بريطانية الصنع وهي طراز باك جت بروفوست (بالإنجليزية: BAC Jet Provost) طائرة تدريب عسكرية نفاثة قادرة على القتال من إنتاج شركة هانتينج للطائرات البريطانية (لاحقاً شركة باك) دخلت الطائرة الخدمة في سلاح الجو الملكي البريطاني سنة 1955 كما صدر منها العديد من النسخ إلى دول مختلفة وكان نصيب السودان منها عدد 4 طارات (نجد لها صورة أسفل المقال) . وتذكر المصادر بانه عندما هرع الجميع الى مكان سقوط الطائرة وجدوا بان مساعد الطيار النقيب الرضى قد فارق الحياة بينما كان لازال الكدرو في الرمق الأخير وكانت اخر كلماته بان الكرسي ما شغال وظل يرددها أكثر من مرة وهو يعنى مقعد الطيار القاذف والذي يستخدمه الطيارون للخروج من الطائرة في لحظات الطوارئ. وفى مقابر ود دوليب مقابر الاسرة في حلفاية الملوك تم دفن الشهيد الكدرو في جنازة عسكرية رسمية مهيبة تقدمها اللواء حسن بشير نصر نائب القائد العام واللواء المقبول الأمين الحاج وقادة الأسلحة والوحدات العسكرية. وقد عم الحزن جميع انحاء البلد بفقد أحد أبناء الوطن والذي كان متوقع ان يكون له شان كبير في مستقبل البلد، وقد رثاه عدد كبير من الزملاء والشعراء منهم الفريق عوض مالك و زميله محمد عثمان همرور في قصيدة ” كانت امانيه كبارا” والشاعر المشهور ابن حلفاية الملوك محمد محمد على في ” شهيد الجو ” و المقدم تاج السر مصطفى في ” شهيد الوطن” وكان اكثر الجميع حزنا هو الشاعر القامة محمد بشير عتيق وهو ابن خال الطيار الكدرو فانشد يقول:
في الخرطوم في أم درمان
في بورتسودان
في كل مكان
أجد مآتم أجد أحزان
ويذكر بان الرئيس الأسبق جعفر نميري كان قد أصدر قرارا بتسمية شارع المعونة اشهر شوارع الخرطوم بحرى باسم شارع الشهيد عبدالقادر الكدرو في أوائل السبعينيات من القرن الماضي تكريما لذكرى الكدرو فقد كان معروفا عنه تقديره و تكريمه لرجال الوطن للرموز الوطنية الذين خدموا الوطن في كافة المجالات.
كان الشهيد الكدرو معروف
با الورع والتقوى وتميز بالمعرفة والاطلاع باللغتين العربية والانجليزية، وقد كانت له العديد من المقالات المتخصصة التي كان يكتبها في مجلة ” حامية الخرطوم” التي كانت تصدرها وزارة الدفاع بصورة دورية في الستينيات من القرن الماضي ولعل ما يشهد على بلاغته وقوة تعبيره التي تعكس سمات شخصيته انه عندما تم تكريمه يوم تخرجه عصراً في الميدان بالسيف، وليلاً أهداه وزير الدفاع آنذاك المقدم خلف خالد مصحفاً ارتجل الشهيد كلمة قال فيها:
«قلدتموني سيفاً واهديتموني مصحفاً
فأدعو الله مخلصاً أن يوفقني لأن أسير بالأول على هدى الثاني».
نسأل الله ان يرحم الطيار الكدرو وان يغفر له ويتقبله القبول الحسن ويسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى