الأعمدة

شرق الفرات يغلي والانفجار قادم

ملكون ملكون
تتوجه الأنظار منذ فترة نحو شرق الفرات حيث تتجمع وتتناثر وتحتك قوى محلية واقليمية ودولية في منطقة غنية بالثروات وحافلة بالاثنيات والمذاهب والأعراق ما يجعلها تربة خصبة وصندوق بارود قابل للانفجار في أية لحظة .
ورغم أن الصورة العامة وخصوصاً في الغرب وفي دائرة المهاجرين بالدول الأوروبية بأن هذه المنطقة في سوريا آمنة ولا خطر على ساكنيها وبالتالي فلا يوجد مبرر لتقديم طلب اللجوء لاوروبا لسكان هذه المناطق .
لكن الواقع مختلف والصراعات وتصفية الحسابات ونقل المعارك إلى الأرض السورية يبدو على أشده هذه الأيام، الولايات المتحدة تريد تجريد ايران من قوتها الضاربة التي تستند إليها وهي ( التهديد النووي، الاذرع والمليشيات ،التمويل ،القدرة على عرقلة التجارة والنقل عبر الخليج العربي ومضيق هرمز )، لذا فهي تعزز تواجدها في المنطقة وتعيد تجهيز قوات قسد باسلحة الدفاع الجوي واسلحة هيماريس، واللعب على الوتر العشائري الخطير الذي ان وقع الصدام فيه فإنه سيكون كارثياً على الجميع.
فالولايات المتحدة تعتبر شرق الفرات جزء من استراتيجية امريكية طويلة الأمد تهدف إلى إحداث الشقوق بين التحالفات الإقليمية الناشئة في المنطقة . وبالتالي الولايات المتحدة تستهدف اللاعبين الاقليميين الكبار في المنطقة وليس البيادق الصغيرة كالميليشيات . لذا فإن التحشيدات الأمريكية تهدف إلى إيصال رسالة إلى جميع اللاعبين تُفيد برفض واشنطن لأي تغيرات ميدانية قد تنتج عن هذه التحالفات والتفاهمات الإقليمية .
وفي هذا السياق، بدت واضحة التقاطعات الحاصلة بين أطراف الطاولة الرباعية على رفض مشروع الإدارة الذاتية الكردية واعتباره مشروعاً انفصالياً، ما يعني أن ثمة توافقاً في طريقه للترجمة بين هذه الأطراف، قد تتمثل مخرجاته الأولية في طرد القوات الكردية من مناطق منبج وتل رفعت، ورغم أن الإدارة الأمريكية غير مهتمة بتلك المناطق، إلا أنها بدأت تستشعر مخاطر التوافق الرباعي الذي قد يطال مناطق شرق الفرات، ما دفع بهذه القوات إلى التحضير للعودة إلى قواعد ونقاط أخْلتها قبل أربع سنوات في منطقتي عين عيسى وعين العرب في ريف الرقة الشمالي
بالمقابل فان ايران تسعى لتوسيع دائرة سيطرتها على ضفتَي نهر الفرات بما يضمن لها طريثقها البري الوحيد إلى البحر المتوسط عبر منطقة ابوكمال الحدودية مع العراق، وكذلك هي تضغط على الولايات المتحدة لإجبارها على الإنسحاب بعد أن ضمنت هامشاً واسعاً لمناورتها على الأرض السورية مستغلة إنشغال روسيا بمعضلتها الأوكرانية، ما جعل موسكو لا تتوقف كثيراً أمام النشاط الإيراني في الجغرافية السورية. فضلاً عن رغبتها في الضغط على الولايات المتحدة لإجبارها على الانسحاب، خاصة مع توسع هامش مناورتها في سوريا إثر انشغال روسيا المتزايد في أوكرانيا، في الوقت الذي تغضّ الطرف عن تحركات إيران النشطة في الجغرافية السورية.
التقارير القادمة من شرق الفرات تؤكد الاستعدادات الإيرانية لشن هجوم على القوات الأمريكية عبر زج مقاتلين من ميليشياتها على محورين، الأول في البلدات على ضفة نهر الفرات الغربية مقابل حقل العمر النفطي ومعمل غاز كونيكو على الضفة الأخرى، حيث تتمركز القوات الأميركية. والثاني هو محور البلدات في شرق الفرات، والتي تسيطر عليها إيران، بدءاً من بلدة حطلة، مروراً بمراط، ووصولاً إلى خشام القريبة جداً من معمل كونيكو. والسكان المحليون بدأوا بالنزوح من قرى وبلدات عديدة على خلفية مشاهدتهم حشد المقاتلين والأسلحة من الطرفين،
لذا تكررت الهجمات الصاروخية على القوات الامريكية، وفوكس نيوز تؤكد احتمال استمرار التصعيد كبيرة بين الجيش الأميركي والفصائل الشيعية في سوريا. ونيويورك تايمز تشير إلى تصاعد الصراع في شمال شرق سوريا بين الولايات المتحدة وإيران، وتعتبره الأخطر منذ 2019.
شرق الفرات معضلة سورية لكن بعيدة كل البعد عن تأثير السوريين على القرار فيها، لذا فإن السوريين يتابعون ما يحدث هناك مثلما أي متابع للأخبار في أرجاء المعمورة قائلين ( بيدنا وليس بيد عمرو) ؟!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى