الأعمدة

رؤى متجددة / أبشر رفاي : بصمود واليها ومواطنيها الخرطوم رغم الداء والأعداء كانسر فوق القمة الشماء .

????لجمالها وروعتها وعبق تنوع تاريخها الأجتماعي والسياسي والوطني ورحيق زمانها ومكانها سميت الخرطوم بأسماء عدبدة وألقاب مثل مديرية الخرطوم معتمدية الخرطوم العاصمة القومية ، العاصمة المثلثة ، مقرن النيلين ، عاصمة اللاءات الثلاث ، كرش الفيل ، الخرطوم بليل ، ومحل الطيارة تقوم والرئيس بنوم ، خرطوم توتي والولاية الكرتوم الحرتوم كرتوم باحري ، بحري ، وأم درمان أم در أمان ، أندرمان والقائمة تطول وتعج بالأسماء ومسميات تنوع الثقافات المحلية الضاربة في جذور تاريخ حضارات الشعب السوداني العريق .
الخرطوم العاصمة القومية عصمة الشعب السوداني وعنوانه العريض لمخاطبة والتواصل مع الأمم والشعوب عبر تاريخها الطويل عرفت بأنها قد حازت على مكانة مميزة بين عواصم دول العالم . بل كانت الخرطوم مثالا يحتذى لكثر من الشعوب وعواصمهم حيث كانت للخرطوم وقتها بالمقارية والمقارنة عبارة عن ( تايات ) والتايات مفردها تاية هي عريشة المزارعين في موسم الحصاد ( وأم بتاتي ) وهي عبارة ألعاب بيئية في هيئة مساكن لصبية الريف .
صحيح بعد ذلك بدأت الخرطوم العاصمة القومية تتراجع عن مكانتها وعن هيبتها وطلعتها البهية الناسمة تتراجع وهي ترفل في جلبابها الابيض وعمامتها الثلجية وبدلتها وربطة عنقها المرصع بعقد در الشرف الباذخ وثيابها الزراق والكرب السادة والكرب البسلة والمضغوط ابوفراشة وابوقجيجة ورسالة لندن والشفون والمنديل المطعون والمادوامة والكادر أو الطلاق حاضر. والخطوة والماكسي . والعودة والثوب المشغول والمطرز والهمبريب والكبريت وصندلية تاج محل وحطب الشواطئ الهادئة المترع بالمودة والرحمة والأمان وبمزن الدخان .
أول تجربة لنا مع الخرطوم الولاية العاصمة القومية من منطلق الواجب والوفاء رد الجميل . أقمت ورشتين عمل متتاليتين برئاستي وكان ذلك في عامي ١٩٩٧ و ١٩٩٨ الأولى حول تنمية وتطوير ريف ولاية الخرطوم ، التي من خلالها قد تجولت بكافة ريف الولاية مثال ام ضوابان الدبية العسيلات أبودليق وود حسونة السمرة ود أبوصالح بادية إبن البادية السلمة مرورا بواوسي الكباشي الخوجلاب ودرملي الجيلي سلانج النوفلاب العجيجة بلد الشاعر محمد على ابو قطاطي والتسعين الشيخ النزير عثمان منير وأم كتي والوادي الأخضر مرورا بقرى الريف الغربي حتى ( بئر رفاي ) !!!! . والريف الجنوبي الغرزة جبيل الطينة الحمرة ، الريف الشرقي قرى جبل الأولياء الشيخ البشير . وابوكساوي مرورا بسوبات وغيرها من قرى وريف ولاية الخرطوم فالذي ذكر منها فقط على سبيل المثال لا الحصر .
تعرفت من خلال الورشة على جملة من الحقائق ، عراقة ووطيبة وشهامة هؤلاء القوم ، دورهم وإسهامهم الكبير في إسناد العاصمة القومية بلا من وأذي بالخير الوفير بشهادة الأسواق والمتسوقين وكذلك بمقومات الأمن والسلام الأجتماعي والسياسي ورأيت بإم عيني حجم التهميش والظلم الكبير الذي لازمهم ولازم مناطقهم كالآخرين بالضبط وربما أشد . وفقا لمقتضى المقارنات الموضوعية العلمية غير المسيسة . تعرفت بعمق في تلك الفترة على كافة رموز الأدارة الأهلية والطرق الصوفية ورموز وأعيان قناديل وقنديلات العطاء ، وعلى ظرفاء الريف والمدينة وسنفرد قراءة خاصة بأذن الله حول أظرف المواقف والطرائف المترعة بالضحك حتى الصياح والقهقهة والشرقة والكضمة .
شهدت الخرطوم الولاية العاصمة القومية خلال الثلاث عقود الماضية طفرة في التنمية البشرية والعمرانية رأسية وأفقية غير مسبوقة لا ينكرها إلا جاحد إجتماعيا ومكابر سياسيا . وذلك من واقع وواقع الدور الوطني الأخلاقي التاريخي العظيم الذي إطلعت به وزارة التخطيط العمراني وتنمية المدن والريف بحزمها وحسمها العادل لقضية السكن والسكن العشوائى على وجه الخصوص ، وذلك بإعمال مبدأ المواطنة الذي كان مغيبا تماما لعقود بهذا الشأن ، ولكن صحيح ( قليل من عبادي الشكور) مثال ام بدة العشش كرتون كسلا دار السلامات جبرونا القماير والفتوح ١- و٢. ومن هم تحت هياكل المباني والخرابات ، وإعادة تخطيط الأحياء القديمة التي ضاقت بأهلها لدرجة مكنت أسر الأحياء القديمة الممتدة من الخروج والتخلص من حالة القرفصاء والتحشير والتحشيد السكني وكذلك تنمية الريف ومخططه الهيكلي الحافظ لحقوق الأجيال
في إطار مبدأ الوفاء والتقدير ورد الجميل كرمتنا جماهير ومواطني ولاية الخرطوم العاصمة القومية مرتين الأولى تكريم شعبي جماهيري بحت قامت به اللجنة الشعبية الأهلية العليا بالعاصمة برئاسة الأمير داؤد عمر هرون في العام ٢٠٠٦ والذي توج بلقاء حاشد يتقدمه رموز وأعيان ولاية الخرطوم العاصمة القومية بدار الرياضة بأم درمان . والثاني وقفتهم الصلبة حينما ترسحت في الإنتخابات العامة في العام ٢٠١٠ وهى إنتخابات معترفا بها دوليا وعلى أساسها جرى تقرير مصير جنوب السودان . ترشحت مستقلا لمنصب والي ولاية الخرطوم بتذكية تجاوزت الربط المطلوب ٦٢٠٠ من ٥٠٠٠ على مستوى محليات الولاية السبع حيث كنت رئيسا لتضامن المرشحين المستقلين على كافة المستويات الإنتخابية من الولائية حتى رئاسة الجمهورية من نمولي إلى حلفا .
بشهادة الأمم المتحدة عبر ممثلها أنذاك ورئيس المفوضية العامة للإنتخابات البروف الراحل عبد الله محمد عبد الله ونائبة نائب الرئيس الأسبق القاضي أبيل ألير والإداري الضليع الأمين العام للمفوضية د جلال محمد الذي من طرائفه مسجلا رقمي بهاتفه ( بالمصيبة ) وحينما سألته عن السر قال ماتسمع الكلام الكتير ده ما في زول موقف المفوضية والأحزاب بكراع واحدة إلا المستقلين بالحجة والمحاججة وعلى رأس المستقلين رفاي وذلك منذ العام ١٩٩٩ بشهادة النحاس وقتها .
الخرطوم العاصمة القومية والولاية الكل كان يعتقد بأنها ستشهد تطورا وأضافة نوعية في ظل التغيير بمنطق أن التغيير يصب في أغلب الأحيان في الجانب الإيجابي ، ولكن وللأسف الشديد قد أتت رياح التغيير بما لا تشتهيه سفن ولاية الخرطوم العاصمة القومية . حينما أصبحت الفوضى المنظمة والمستمرة بإسم الثورية والثورية والتي أول ما إستهدفت إستهدفت بشكل أساسي البنيات التحتية للترقية الحضرية والبيئة والممتلكات العامة وضرب هيبة الدولة بإسم الحريات والديمقراطية والحقوق السياسية والمدنية . يجري كل ذلك تحت سمع ومرمى بصر أهل الخرطوم والعاصمة القومية . بل بعضهم من كبار الرجال والنساء يشجعون الصبية والصبيات على تلك الأفعال الخطيرة التي كانت بمثابة مقدمة للخراب والدمار الكبير .
ومن منا من لا يتذكر ويتأمل ويتألم من منظر الخرطوم الشاحب وكدماتها التي لم تدع مساحة في جسدها ووجهها المتعب لأربع سنين عجاف إلا وطالته . معاناة في معاناة وخراب في خراب وتخريب حتي بلوغها مرحلة خراب الحرب المركبة اللعين الهجين .
ولاية الخرطوم العاصمة القومية على الرغم من الظروف التي مرت وأحاطت بها . إلا أنها تعتبر في مقدمة الولايات التي حظيت بوال ممتاز الأداري الضليع الأستاذ أحمد عثمان حمزة شخصية عالية الهمة والصبر الجميل والثبات والتواضع الأجمل . عرفناه عن قرب حينما كان مديرا تنفيذيا لمحلية أم بدة لم يبخس ادوار من سبقوه مثل المدير التنفيذي الرائع أبراهيم النحيب عكاشة بل تقدم بقوة من عند نقطة توقفهم بالنقل الروتيني وإنتهاء المدة تقدم نحو الخطوط الأمامية لنهضة محلية ام بدة والتي ظلت لفترات طويلة تحرز المرتبة الأولى على مستوى محليات ولاية الخرطوم . إن لم يكن ذلك على مستوى محليات السودان ، فالسيد احمد عثمان حمزة لولا أن عاجلته والولاية الحرب اللعينة ومشروعها التخريبي الكبير لصعد بولاية الخرطوم العاصمة القومية بدرجات عظيمة تغيظ العدو وتسر المواطن والصديق.
إن أداء السيد الوالي واركان حربه الذين سمحت ظروفهم بالمواكبة من إدارة الأزمة بشهادة الجميع ، أداء ممتاز وأهم ما فيه إبراز وضعية الدور القيادي عند المكاره ممثلا في اليقين والثبات ومضاعفة الهمم ورفع الهامة وبث روح الطمأنينة في نفوس المواطنين وذلك من خلال العمل الميداني والديواني المخاطب والمستجيب لقضايا المواطنين وحوائجهم الملحة المرتبطة بحق الحياة وحد البقاء . والذي شاهدنا اكثر من نموذج له عبر الوسائط والوسائل الإعلامية ، رغم مصيبة الخرطوم يتحرك عن اليمن والشمال يحفر بالأبرة ويغالب التحديات والمهددات والصعاب في سبيل أسناد وإسعاد مواطن الولاية العاصمة القومية الصابر على مصيبته ، التي وقعت كبيرة ولكنها ستصغر بإذن الله وتتلاشي تماما .
من خلال تضافر الجهود التكاملية والتكافلية التي ظهرت في إحتفالية أجهزة الولاية بالفضائية السودانية بمناسبة تدشين مشروع سلال العون الإجتماعي والإنساني الإبداعي المبتكر المكامل للجهود الرسمية والشعبية والخيرية منزوعة المن والأذي….التحية لشرطة الولاية وقائدها المقدام الفريق شمين التحية لجهاز الأمن الوطني والمخابرات العامة وفصائله المتقدمة هيئة العمليات العمل الخاص بالعاصمة والولاية ومحليات الولاية والسودان عموما التحية لمدراء الجهاز التنفيذي بمحليات الولاية السبع وللمدير التنفيذي محلية كرري والسيد مدير مفوضية العون الإنساني بالولاية تحية خاصة لمستشار الوالي لشئون الإعلام والثقافة عمر الجاك والطاقم التحية لرموز الثقافة والفن والأدب والإعلام ووجهاء إم در أمان شاعر الكلمة الرصينة وحليب معانيها المقنن د الشاعر مختار دفع الله . وفنان الأجيال المربي الكبير عطر الموروث والتراث الفنان دكتور عبد القادر سالم . ويا سلام على حيوية الشباب والشابات ورموز وكرام المواطنين . الذين ظهروا في إحتفالية الولاية لكم منا جميعا جزيلا الشكر ومن الله الجزاء الأوفي .
في الختام إن معركة إعمار الخرطوم الولاية والعاصمة القومية بعد إنتهاء وتوقف الحرب اللعينة مهمة وطنية يجب أن يتصدى لها الجميع وعلى الفور وبيد واحدة . لجهة أن معركة البناء وإعادة التعمير لا تقل بأي حال من الأحوال عن معركة الكرامة القائمة في مسارح القتال ضد التمرد وبسند شعبي مشهود غير مسبوق .
لأن تدمير الخرطوم العاصمة القومية تدمير سياسي إستراتيجي ممنهج ليس فقط كما يقول البعض بغرض طمس الهوية الداخلية المعروفة بجدليتها قابلة للأخذ والرد في حدود الحفاظ على الوطن والدولة ، وإنما المسألة أكبر من ذلك وهي طمس وكشط عنوان العاصمة وضعه محله عنوان عاصمة جديدة طرف الزائر المزور بالأصالة وبالوكالة حسب إستراتيجية المشروع الإستئصالي الإحلالي المحلي الأقليمي المستدول الذي طش سهمه وغاب عمله وخاب أمله …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى