الأعمدة

جمال بحرى و شاعرية مصطفى بطران / بقلم : أمير شاهين

مدينة بحرى تلك المدينة الوديعة والواعدة ذات الجمال الهادئ الذى يخلب ألباب العشاق و المعجبين و لا يشف عن اسراره الا للمخلصين المقربين , مدينة بحرى تتمتع بموقع جغرافى فريد فهى تتوسد ضفة النيل الازرق الشمالية و تتكئ على احضانه ذلك النهر الاسطورى المتفرد فى خصائصه و جماله و تبدل احواله فهو تارة هادئ يلفه السكون حتى تشفق عليه و تخاف من ان تجف مياهه و يتوقف عن الجريان وفى هذه الفترة يغلب اللون الازرق و احيانا الاخضر او الاثنين معا على لون مياهه و تارة اخرى نراه مندفعا ثائرا يكتسح كل ما يعترض مجراه فتخاف منه و تتملكك الرهبة و التوجس وفى هذه الفترة يغلب اللون البنى بدرجاته المتنوعة على لون مياهه و كنت عندما عند عبورى كوبرى النيل الازرق فى تلك الاوقات كنت اسع صخب امواجه و ضجيجها العالى و كأنما هو ينادى شقيقه الازلى النيل الابيض و ينبئه بقرب وصوله و الالتقاء به فى الموعد الازلى فى المقرن ليمتزجا معا و يكونا نهر النيل اطول انهار العالم وسليل الفراديس كما وصفه التيجانى يوسف بشير شاعرنا السودانى الذى توهج و احترق سريعا و توفى وهو فى ريعان شبابه و و كثير من النقاد يعقدون مقارنة بين شاعرنا التيجانى يوسف بشير والشاعر التونسى العملاق ابو القاسم الشابى, ولا ننسى ايضا شاعرنا الجهبذ و احد رواد شعر الحقيبة فى السودان مصطفى بطران (1993-1904) الشاعر الذى توفى ايضا فى ريعان شبابه بسبب مرض السل و الذى ما كان له علاج فى ذلك الزمن , واشتهر بطران بحبه وولعه بالطبيعة حتى لقب بشاعر الطبيعة و انا على يقين تام بان عبقرية و جمال المكان الذى عاش فيه مصطفى بطران وهو حلة حمد على شاطئ النيل الازرق قد شكلت وجدانه و اطلقت براكين الشعر من داخله كيف لا وهو كان يقضى كل اوقات فراغه بين الزهور و الورود متعددة الالوان و الاشكال فى حديقة البلدية و التى كانت متنفس اهل بحرى فى ذلك الزمن قبل ان يحل محلها فندق قصر الصداقة و الذى هو ايضا بدوره تمت ازالته !! وحديقة البلدية والتى قال فيها شاعرنا بطران :
يا خفيف الروح روحى ليك هدية
بينا يا الله نروح حديقة البلديــــــة .. ونواصل مع مصطفى بطران

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى