الأعمدة

الجغم والشفشفة والفتيل : كلمات ومفردات جديدة في العامية السودانية

نشهد في الآونة الاخيرة تداول عدد ليس بالقليل من الكلمات و المصطلحات التي لم تكن معروفة او مستخدمة من قبل في عاميتنا السودانية ويمكن تصنيف هذه المصطلحات و الكلمات تحت ما يسمى بلغة الراندوك وهى لغة شبابية تتكون من تقليب و تبديل كلمات اللغة العربية و لها قواعد و شروط خاصة بها , فعلى سبيل المثال لا الحصر فان كلمة ” الجغم” التي كانت معروفة سابقا بمعنى محدد فهي الان تعنى شيئا اخر وقد كثر استخدامها مؤخرا بسبب الحرب الدائرة حتى الان بين الجيش و الدعم السريع , والشخص المجغوم هو الذى تم ضربه و سحقه وتتشابه مع الشخص اللي ” إتلحس” وهو المصطلح الذى يستخدم للشخص المتوفى فيقال ” الزول إتلحس”. و كلمة “الشفشفة ” وتعنى عمليات السرقة وهذه الكلمة ايضا وجدت انتشارا بسبب عمليات السرقة و النهب الى تعرضت لها بيوت المواطنين فى الحرب الدائرة في بلادنا منذ ابريل الماضي و” الطلس” ويقصد به الكذب و الخداع و اللف والدوران ” الفتيل” والفتيل تطلق على الشخص الذى يقع في مصيبة او ينتظر العقاب الرادع وغالبا ما يتم استخدامها لوصف الشخص الذى تم رصده و المراد عقابه بسبب سوء افعاله او ارتكابه لجريمة ما , واذكر بان الداعية محمد مصطفى عبدالقادر المشهور بطريقته المميزة في القاء خطبه قال مرة ان احد الشباب قال له انت في ” فتيل” وقال الشيخ بانه لم يكن يعرف ما المقصود بالفتيل فقام بسؤال احد الشباب والذى افاده بانه في فتيل تعنى انه في محنة وورطة كبيرة جدا ! . ولغة الراندوك تختلف عما يسمى باللغة المهنية او الجارغون Jargon وهي لغة يتم استخدامها من قبل مجموعة مهنية مثل الأطباء والمحامين وخلافهم وذلك باستخدام مصطلحات وتعابير واختصارات لسهولة وسرعة التواصل مع بعضهم البعض والتي قد لا تكوم معروفة للأخرين
ويؤكد المختصون بان ظاهرة انتشار هذه الكلمات هو امر طبيعي مرتبط ارتباط وثيق بانتشار وسائل التواصل الاجتماعي فى فترة زمنية ما وفى شريحة اجتماعية محددة فمثلا نستطيع ان نحدد بواسطة هذه المصطلحات الزمن الذى استخدمت فيه و الشريحة الاجتماعية و المهنية التي اطلقته , فكثير من الكلمات في العامية السودانية توقف استخدامها منذ زمن طويل وتم استبدالها بكلمات اخرى , وكما ذكرنا فان وسائل التواصل الاجتماعي قد لعبت دور كبير في انتشار هذه الكلمات من خلال استخدامها من قبل الشباب بقصد مخاطبتهم بلغة حديثة تعبر عنهم و عن زمنهم وعى سبيل المثال فالمسلسل الكرتوني ” طعمية” الواسع الانتشار تكثر فيه هذه الكلمات , ويستمتع المتحدثون بلغة الراندوك هذه بجهل الاخرين او عدم معرفتهم لها كمثل حالة الشيخ محمد مصطفى التي ذكرناها انفا وهي منحي اجتماعي تحاول به الأجيال أو الفئات المختلفة أن تتميز عن غيرها من أجيال أو الفئات. فمثلا بينما كان الشباب في جيل السبعينات يقولون عن الوالد “العجوز” يقول شباب هذا الجيل “الجلكين”. وسابقا كانت “الفلة” تعني النقود الآن يقال عنها “الكنجالات”. والزول المرتاح الان يقال له ” مرطب” والشخص الاصيل سابقا الان يقولون له ” راكز” والشخص الغشيم سابقا فهو الان ” داقس. ولهذا فان علماء الاجتماع يؤكدون بان انتشار مثل هذه اللغة لهو دليل على حراك وحيوية المجتمع في فترة زمنية ما وتكاد تكون كل شعوب العالم اليوم تختبر مثل هذه اللغة. والان ما هو رأيكم في هذا ” الحنك “؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى