*تشهد الايام* *ويشهد الليل والنحيب* محطات فى سكة قطار الوطن شامخ الصحافة السودانية *القمر _ محجوب محمد صالح*
بعد بسم الله وصلاة وسلام على خير خلق الله وترحم على الشهداء وكافة موتى الأمة المحمدية وحمدا لله على امر الله وانا اليه لمنقلبون.
رحل عنا اخر عمالقة مدرسة الخبر الرصين رائد حرية الكلمة والتعبير عملاق الصحافة العربية والافريقية رجل المواقف .. صوت الأمة القلم الصادق الناطق بحق وحقوق الانسان .. الحامل لهموم الوطن الذى احبك وأحببته وتكثر اوصافك عندما تذكر أيها المحجوب الثريا.
ورحلت عنا
نعم رحلت وانت بعيدا عن محبوك السودان واهله ويدعوا لك اهل السودان قاطبة بروح وريحان وجنة نعيم عرضها السموات والارض آمين يا رب العالمين يدعوا لك اهل السودان قاطبة بسدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة.
آمين يا آلله يا الله يا الله
المحطة الأولى
*ياحليلهم دوام بطراهم*
كنت اراه كثيرا فى الحى الذى نسكنه ويسكنه أيضا مع عائلته الكريمة حفظهم المولى كانوا رابع منزل جنوبا لمنزل أبو داؤد لهم الرحمة جميعاً
كان عمرى آنذاك حوالى الاثنى عشر ربيعا
يمر الان هذا الشريط بمخيلتى وكأنه حدث بالامس
كان ابو داود يجاور نخبة من عمالقة الادب والاعلام والسياسة والفن والدراما وصلوا على رسولنا الكريم
والله لن تسع هذه المساحة للكتابة عن ايا من هؤلاء الشوامخ وساختصر لتافدى الإطالة
جوار ابوداؤد كان جوار عبق سلس جميل صبوح باهى مزدهر سحاب وشجن صباح وحبور وهى بحرى الدناقلة شمال طيبة الروح زهرة الاحلام زورق الالحان ملتقى الأحبة والخلان
جوارا جمع ابو داؤد ومحجوب محمد صالح وأخيه ابزيد محمد صالح ودكتور عثمان احمد حمد وعبد الكريم الكابلي ومحمد سليمان دنيا دبنقا ومكى سنادة ومحمد خوجلى صالحين وانور هاشم ومحمد خيرى احمد وعبد العظيم حركة و السد العالي سليمان فارس واخية الطروب ايوب فارس ونصر الدين السيد وابو سلامة
*من كل روضة زهرة ومن كل زهرة عينة .. حى ضم فطاحلة فى الأدب والإعلام والقصة والفنون والدراما والسياسية والصحافة والطرب والاقتصاد وحدث ويطول الحديث حين يذكرون*
اذكر مساء ذلك اليوم
دخل العم محجوب وابوزيد بصحبة على المك حوش ابو داؤد
ويسال على المك بصوت اكاد اسمعه الآن :
وين ابوك يا ولد ياداؤد !
وارد:
هو فى الحمام
ويخرج ابو داؤد ويحضن محجوب اولا ثم ابزيد ثم المك
واى سلام هو !
سلام عميق واحضان أعمق سلام بشوق ومحبة .. يسكنون فى نفس الشارع .. محجوب وابوزيد وأبو داود ويتعانقون كأنما لم يلتقوا منذ أعوام ..
يالها من اخوة وياله من زمن وياله من عشق قتل فى هذا الزمان واندثر ومضى لحاله
نعم والله قتل واى مقتل هو !
جلسوا يعمهم فرح وسرور وتتوسطهم بهجة حديث يتسامرون فى حوش ابوداؤد *تحت شجرة النبق الحجازى الوحيدة فى العاصمة المثلثة آنذاك*
ثم ينضم الى لهذا الجمع الكريم ابو آمنة حامد بصحبة عبد الكريم الكابلي
كان ابو آمنة حامد يرتدي بدلة البوليس اذكر عليها رتبة نقيب وكان ضابط المنوابة فى قسم بحرى الاوسط آنذاك ويهوم هذا الركب الجميل بكل حديث جميل ويرحل عبق الكلام من الفن الى الأدب والشعر ومن السياسة
والصحافة والإعلام الى بحرى وامدرمان والابيض وكسلا وانا جلوس فى ركن الحوش الغربى فى حالة تاهب للمراسيل السجائر والتمباك والشاى والقهوة كانت هذه تعلمات ابوداؤد :
*يا ديفيد لمن يكون معاى ضيفان خليك قريب منى*
كان ابو داؤد يعشق مناداتى بديفيد
كان أسمى فى شهادة الميلاد ديفيد نسبة لولادتى بجنوب السودان سميت داؤد ولكن مكتب مواليد جوبا ابى الا ان يترجم داؤد لديفيد. وكأن لهم ما ارادوا
وبدأت المراسيل
ياداؤد امشى خلى فوزية تعمل لينا جبنة .. عمك محجوب محتاج ليها بشدة
واغادر الى حوش النسوان *فالتقى بالفوزيتان فوزية العبادية والدتى وفوزية عبد الماجد كريمة الراحل محجوب محمد صالح*
وهذا عشق اخر .. كانتا يحملان نفس الاسم والاعجب بهما ملامح شبه لبعضهما البعض يخال لمن يراهما انهما اخوات او بنات خالات سبحان الله يعشقان بعضهما البعض كما يعشق كبارهما بعضهما ابوداؤد ومحجوب لهم الرحمة يمر شريط جميل شجى مرح طروب فرح ضاحك باسم الاستمحان
يمر بمخيلتى حاملا تلك الأيام التى كم اتمنى والله ان تعود وزمن مازالت ابكيه وابكى رجاله
رجال علم وأخلاق.. ادب وأخلاق صحافة وأخلاق سياسة وأخلاق فنون ودراما وكرم خصال وافضال وأخلاق صحبة واخوة ومحبة وأخلاق ورحل اخر عمالقة الثريا الأخلاق
رحمهم الله ورحم الله السودان ورحمنا اذا صرنا إلى ما صار إليه.
كانت تربطلنا بعائلة الراحل المقيم علاقه يصعب على وصفها فى كلمات لجمالها وعمقها الفائق الوصف
محجوب يعشق ابو داؤد
وابوداؤد يعشق محجوب وابوزيد يحبهم ويحبوه فوزية تعشق فوزية ورحل الزمان
وترك الأثر
لهم الرحمة جميعاً
المحطة الثانية
*حبيبى غاب*
*فى موضع الجمال بلاقيه*
غبت أيها الصالح المحجوب ولقانا بك جنات عرضها السموات والارض .. انت باق بيننا ما بقينا فى هذه الفانية .
*سودان ستار*
توهج تاريخ
وفى السماء نجوم لن تنطفئ وكذلك السودان الذى حلمت بجماله وكرامة لشعبه وسلامته وحرية اقلامه واعلامه ونحن على دربك سائرون ايها الوطن
المحطة الثالثة
*الفينا مشهودا*
*الأيام*
تشهد لك الايام والشهور والسنين
كم ناضلت بقلم وقرطاس
70 خريفا .. نضال رائد وقائد وناهض بالكلمة والخبر والحقيقة التى أصبحت تباع وتشترى فى زمان سقط فيه الأعلام واندثرت أبسط مبادئ الصحافة فى عهد أصبح كل من امتلك لابتوب وتلفون ذكى يسمى نفسه اعلامى
*يشهد لك اتحاد الصحفيين الأفارقة*
توهج بك واضحى منبرا يشار له بالكفاة والمهنية والمصداقية والصوت المسموع قاريا وعالميا
ونفتخر ويفتخر تاريخ صحافتنا واى فخر هو ..
وتعلو أصوات واصداء لراب صدع الساسة السودانيين من ستنيات القرن الماضي وتناضل بكل ما تملك ولا تملك حتى ايامنا هذى ولكن يابى القدر الا ان ترحل فى صمت بعيدا عن الأرض التى احببتها وناضلت من اجلها ومن اجل سودان جديد
يشهد لك التاريخ الافريقى والعربى وتشهد لك الاحفاد والالمان فى فريدريش وتشهد لك فرنسا والجمعية العالمية للصحافة وحرية الرأى والاعلام العالمى *بقلمها الذهبى*
ويشهدوا لك ايضا من كانوا لك حجر عثرة فى مسيرتك السامية الوطن .. كلاب جهاز الامن والاستخبارات وجهلاء ومدراء مجلس الصحافة والمطبوعات آنذاك الذين لو سالتهم وطلبت منهم اعراب جملة صحافة ومطبوعات والله لفشلوا فى ذلك
ويشهد لك المغفور له ولكم الطيب صالح وغردون باشا
والزعيم الازهرى ومركز واشنطن للصحافة العالمية *وتشهد الايام*
*ويشهد الليل والنحيب*
ونبيكيك أيها المحجوب الوطن الذى رحل مع وطن مسروق منهوبة ثرواته مقتول انسانه وفجعنا يا محجوب فى مصابك
وتشهد الايام
التعازى للوطن المفقود
رجلا ودولة
وللعائلة والابناء الاكارم
وائل وسامر وعادل ونادر
ابنك المكلوم بفقدك
داود عبد العزيز محمد داؤد