الأعمدة

تمثيلية القنابل 2000 رطل !

يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية اكتفت بما تم تدميره من منشأت ومبان في قطاع غزة ، وقررت إيقاف إمداد جيش الاحتلال الصهيوني بالقنابل زنة 2000 رطل إذا ما اجتاح رفح .. لكنها لم ترتو بعد من الدماء الي سفكتها أسلحتها القاتلة بين أهالي القطاع وتمد بها أسرائيل اسبوعيا ويوميا .. أوقفت أمريكا تزويد إسرائيل بالقنابل التي أنهت الوجود البشري والحجري في قطاع غزة ، لكنها تواصل إمدادها بالصواريخ والطائرات ودانات المدافع والدبابات وصواريخ القبة الحديدية وكل ما في ترسانة القتل الأمريكية.
وطبقا لموقع “أكسيوس” نقلا عن مسؤول أمريكي، إن تعليق شحنة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل وسيلة للتعبير عن قلق واشنطن بشأن عملية برية في رفح !!
وأوضح المسؤول ، أن إدارة بايدن تركز على استخدام القنابل التي تزن 2000 رطل في رفح بسبب تأثيرها المدمر ، وكأن واشنطن اكتشفت بعد مرور سبعة أشهر من القتل والتدمير أن قنابلها زنة 2000 رطل تحدث تدميرا هائلا ، بينما في حقيقة وجوهر القرار الأمريكي أن تلك القنابل شديدة الدمار قد استنزفت إغراضها بعد التدمير الشامل لكل القطاع ، ولم يعد هناك أهداف مدنية أو عسكرية في حاجة للقنابل زنة الـ2000 رطل .
حتى اسرائيل تدرك أن تلك القنابل غير حيوية في مواصلة إجرامها التدميري ، لكن إبداء الغضب من القرار الأمريكي قد يساعد نتينياهو على أظهار شجاعته أمام الحليف الأكبر والأهم لليمين الصهيوني المتغطرس في أرض فلسطين المحتلة ، ويؤجج فكرة المظلومية لدي القطاع الأوسع من الصهاينة ، وفي الوقت نفسه يساعد بايدن على تحسين صورته أمام ناخبيه من الرافضين للمجازر الصهيونية في فلسطين.
لا أعرف سببا واحدا للتهليل العربي بالقرار الأمريكي بإيقاف أمداد إسرائيل بالقنابل زنة 2000 رطل (1500 كجم) إذا ما اقتحم جيش الاحتلال رفح .. إلا أنها عادة عربية أصيلة ، نحتفل بالجبارين ، والغزاة والقتلة ، طمعا في النجاة من غضبهم وعقابهم إذا ما انتصروا.
تمثيلية القنابل زنة الـ2000 رطل تأتي في إطار استراتيجية مسك العصا من المنتصف على قاعدة الوهم والولاء.. إرضاء العرب باعتبارهم مهرولين وراء الأوهام ، لا يجرأون على تكذيب “الصديق الأمريكي” حامي عروشهم ، وإرضاء إسرائيل بمواصلة تزويدها بالأسلحة الفتاكة ، عدا الـ2000 رطل ، باعتبار أن المشروع الصهيوني منصة الانطلاق نحو السيطرة والهيمنة على أقليم يعج بالثروات الهائلة .
لا تصدقوا الإنزعاج الصهيوني من قرار واشنطن تعليق صفقة القنابل شديدة التدمير ، فالمخطط الإجرامي الصهيوني في تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من الضفة وغزة ليس في حاجة إلى قنابل مدمرة ، فلم يعد هناك ما يمكن تدميره في القطاع ، ولم يتبق أمامه سوى رفح لمحوها من الوجود بالطائرات الأمريكية.
ولا تصدقوا واشنطن ، أكبر وأهم مرابي ومقامر في تاريخ البشر.. فالدم العربي في نظرها ليس أكثر من كأس نبيذ أحمر تحتسيه على مائدة لحم بشري من مراعي العرب.
أحمد عادل هاشم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى