الأعمدة

غادروا ولم يغادروا الذاكرة عبدالله عربي

دكتور محمد عبد الله الريح
الليلة التي فتحت فيها أبواب السماء
كانت الساعة الليلية قد تجاوزت الثانية عشرة عندما غادرت مبنى التلفزيون بأم درمان ومعي الموسيقار عبدالله عربي وأنا أقول له :
زوجتي في الفسحة القدام بيتكم مع بت خالتها نبيلة زوجة ادريس حسين ادريس أصحاب صيدلية تشفين هل تسمح لي بالتوصيلة دي على وزن هل تسمح لي بالرقصة دي ؟ فضحك وقال :
ولو عايز كمان أعزف ليك فالس ليالي الأنس في فيينا ..
في الخرطوم 2 قال :
– ممكن تقيف لي قدام بقالة عمك سعيد أشيل معاي زبادي
عاد يحمل معه كيسا .. ثم قال :
أنا لو ما وصلت البيت أمي ما بتتعشى الا بزبادي وأنا شايل معاي في الحقة دي قرفة ولو ما أكلتها بإيدي تنوم جيعانة .
وصلنا منزلهم . أمامه نيمة ظليلة وفتح الباب فجاء صوتها من الداخل :
عبدالله إنت جيت ؟ معاك منو ؟
معاي دكتور ودالريح
لكن انا ما عيانة .. أحمد الله
الدكتور جاي يسوق مرته هنا مع جيرانك ناس نبيلة
نبيلة بت ذكية ؟ نان ماتنادي يتعشى معانا ..
لا معليش .. نسمح ليهو يمشي.. مشواره طويل ..
خرج عربي ليودعني وأطل وجهه فانعكس عليه مصباح الشارع فلمحته يضئ وهو يسمع دعاء أمه .
وداعة الله عند الرسول .. ورجع ليعشيها بيديه ويحتضنها كما يحتضن كمانته ..
وشعرت في تلك اللحظة بالبركات تتنزل علينا وتهطل رحمة وتغمر الساحة.. ونحن نتحرك نحو جبرة وأتنهد وأقول لزوجتي كما يقول الإخوة المصريون :
دا إيه الهنا الأنا فيه
رحم الله الأخ عبدالله عربي .. كان بارا بوالدته كان يحنو عليها ويحتصنها كما يحنو على كمانته وقد عرفت من أين تأتي ألحانه. اللهم إني أشهد إنه كان بارا بوالدته نسألك له الرحمة والغفران والقبول في اعلى الجنان مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى