الأعمدة

ناقش الأزمة السودانية عقب الڤيتو الروسي في مجلس الأمن،، الاتحاد الأوروبي.. إدانات بلا عقوبات..

إقرار بوجود عمليات تطهير عرقي وأزمـة نزوح وموجات لجوء..
خيبة أمل من الڤيتو الروسي، ودعوة إلى وقف الأعمال العدائية..
سفير السودان ببروكسل: إحباط الاتحاد الأوروبي يعود إلى العداء القديم بين روسيا والغرب..
الاتحاد الأوروبي يتعامل ببرود مع القضية السودانية منذ عهد الإنقاذ.

توقعات بالاستفادة من زيارة ” أنيت ويبر” مطلع الشهر المقبل، لتغيير الكثير من المفاهيم المغلوطة..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
مضت نحو خمسة أيام منذ أن استخدمت روسيا حق النقض (الڤيتو) في جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتبني مشروع قرار طرحته بريطانيا وسيراليون يهدف إلى حماية المدنيين واستئناف الجهود التفاوضية لوقف الحرب وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين بالحرب في السودان، ومذ أن قلبت روسيا طاولة مجلس الأمن في وجه الجميع يوم الاثنين الماضي، يحاول المجتمع الدولي جاهداً التعافي من صدمة الڤيتو الروسي الذي حملت رياحه ما لم تكن تشتهي سفن الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي، ويبدو أن أول الكيانات الدولية التي تأثرت بصدمة الڤيتو الروسي كان الاتحاد الأوروبي الذي أعرب عن خيبة أمله من استخدام روسيا لحق النقض، الأمر الذي أفشل مجلس الأمن الدولي في اعتماد قرار بشأن السودان يطالب القوات المسلحة وميليشيا الدعم السريع باحترام التزاماتها المنصوص عليها في إعلان جدة بشأن حماية المدنيين وتنفيذها بشكل كامل بما في ذلك اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب الأضرار التي تلحق بالمدنيين.
الأوروبيون والوضع في السودان:
وبحث اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي برئاسة جوزيب بوريل المفوض الأعلى للسياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي الوضع في القرن الأفريقي، حيث تناول الاجتماع بالنقاش المستفيض الوضع الإنساني في السودان، واتفق المجتمعون على وجود عمليات تطهير عرقي وأزمة نزوح وموجات لجوء تشمل أكثر من 14 مليون شخص أُجبروا على الفرار إلى الحدود مع دولتي مصر وتشاد، وأعرب الاتحاد الأوروبي عن دعمه لمبادرات حماية المدنيين، ودعا إلى وقف فوري للأعمال العدائية، وتأسف المفوض الأعلى للسياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب اجتماع مجلس الشؤون الخارجية، على تعثر الجهود الدولية لحل الأزمة الإنسانية بسبب استخدام روسيا حق النقض ( الڤيتو) في اجتماع مجلس الأمن الدولي الخاص بمشروع القرار الذي اقترحته بريطانيا، وأكد برويل التزام الاتحاد الأوروبي بالسلام والمساعدات الإنسانية في السودان.
خيبة أمل مبررة:
وقلل مندوب السودان لدى الاتحاد الأوروبي وسفيره ببروكسل السفير عبد الباقي حمدان كبير من خيبة الأمل التي أصابت الاتحاد الأوروبي وحالة الاستياء التي هيمنت على منضدة اجتماعات مجلس وزرائه للشؤون الخارجية، وأرجع كبير في إفادته للكرامة من بروكسل إحباط الاتحاد الأوروبي إلى العداء القديم الذي ظل يضرب علاقة الشرق بالغرب والذي ازداد كيل بعير عقب اندلاع بين الحرب الروسية الأوكرانية التي ظل فيها موقف دول الاتحاد الأوروبي داعماً بقوة وبدون تردد لأوكرانيا، حيث تقوم الكثير من دول الاتحاد الأوروبي بتسليح أوكرانيا، هذه فضلاً عن العداء السافر الذي تكنه بريطانيا المستقلة من الاتحاد الأوروبي تجاه روسيا، وأبان السفير عبد الباقي كبير أن خيبة الأمل نابعة أصلاً من مواقف أوروبية سابقة تجاه روسيا التي زادت الطين بلة بدعمها للسودان داخل جلسة مجلس الأمن الدولي باستخدامها حق النقض ( الڤيتو).
علاقة باردة:
ولسنين عددا ظلت علاقة السودان بالاتحاد الأوروبي تتسم بالبرود والسلبية، وبلغت ذروة هذه السلبية عقب الإجراءات التصحيحية في 25 أكتوبر 2021م والتي قامت بموجبها المؤسسة العسكرية بفض شراكتها مع القوى المدنية المتمثلة في تحالف قوى الحرية والتغيير ( قحت) بسبب إقصائها للقوى السياسية الأخرى ومحاولة انفرادها بالسلطة، حيث اتخذ الاتحاد الأوروبي منذ ذلك الحين موقفاً سلبياً تجاه الحكومة، حاصراً كل تعاطيه مع السودان في الشأن الإنساني وهو الأمر الذي ظل سائداً منذ عهد الإنقاذ، حيث ظل الاتحاد الأوربي ومنذ الإجراءات التصحيحية في 25 أكتوبر 2021م، يدعو الجيش السوداني للعودة إلى مسار الحوار مع المدنيين، معتبراً أن الإجراءات التي قام بها الجيش تقوِّض التقدم الذي أحرزته الحكومة بقيادة المدنيين، محذراً من مغبة عواقب وخيمة لهذه الإجراءات على دعم الاتحاد الأوروبي، باعتبار أن العودة إلى حوار شامل سيضمن الحرية والسلام والعدالة للجميع في السودان.
قراءة تحليلية:
ويعود مندوب السودان لدى الاتحاد الأوروبي وسفيره ببروكسل السفير عبد الباقي حمدان كبير، ويقدّم عبر الكرامة قراءة تحليلية لمخرجات اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي برئاسة جوزيب بوريل المفوض الأعلى للسياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي، مبيناً أن الموقف الأوروبي من الأزمة السودانية موحد ومتفق عليه، ويركز على وقف إطلاق النار بعيداً عن التدخل العسكري، وغير متضمن إنشاء مناطق آمنة منزوعة السلاح لحماية المدنيين، كما ظلت تطالب بذلك تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية ( تقدم) بقيادة دكتور عبد الله حمدوك، وأضاف السفير عبد الباقي كبير أن الاتحاد الأوروبي ظل متفاعلاً مع القضية الإنسانية بإيجاد معالجات لحماية المدنيين، وتنفيذ مخرجات منبر جدة، منوهاً إلى إقرار الاتحاد الأوروبي بالجرائم والانتهاكات الصارخة التي يتعرض لها المدنيون، وأشار السيد السفير إلى بعض التحفظات على قرارات الاتحاد الأوربي، منوهاً إلى أن الاتحاد الأوروبي ظل يساوي بين القوات المسلحة المؤسسة النظامية بميليشيا الدعم السريع، إضافة إلى أن الاتحاد الأوروبي درج على تقديم إدانات بلا تنفيذ إجراءات حقيقية بفرض عقوبات، ويشير إلى انتهاكات الدعم السريع في الجزيرة، ولكنه سرعان ما يعمد إلى تخفيف اللغة وتعميم المواقف عندما يتعلق الأمر بالقرارات الكبيرة التي يمكن أن تترتب عليها إجراءات عقابية.

خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فقد حرّك الڤيتو الروسي أمام مجلس الأمن الدولي الكثير من المياه الراكدة، ودفع مؤسسات وكيانات دولية لتطلق ألسنتها تعبيراً عن مواقفها مثل فعل الاتحاد الأوروبي الذي خدم قضية السودان من خلال موقفه الأخير في اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي برئاسة جوزيب بوريل المفوض الأعلى للسياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي، إذ عملت تصريحات السيد جوزيب بوريل الإسباني الذي ستنتهي ولايته في ديسمبر المقبل، على تسليط الضوء على الأزمة بصورة واضحة وجماعية، وتبقى الكرة في ملعب الحكومة السودانية لاغتنام فرصة الزيارة المرتقبة والمهمة جداً لمبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي والبحر الأحمر السيدة “أنيت ويبر” لبورتسودان مطلع ديسمبر المقبل، لتغيير الكثير من المفاهيم المغلوطة في ذهنية الاتحاد الأوروبي بتقديم رؤية واقعية للحكومة بشأن حقيقة الأوضاع وجهود معالجتها بما في ذلك ممارسة ضغوط دولية على المحاور الإقليمية والدولية الداعمة لإطالة أمد الحرب، وإذ هبت رياحك فاغتنمها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى