الأعمدة

لا انا قديس.. ولا انت ابليس!

غدا ستضع الحرب اوزارها فوق تلال الجماجم ووسط برك الدماء وسيل الدموع.. حسرة على ما ضاع وفرحة بالرجوع الى ديار ذهبت مقتنياتها بما كان رخيصا او مكلفا ولكن تظل الحياة هي الاغلى والذكريات تكون الابقى ولو في قسمات الحوائط وملامح التلاقي بين الوجوه بعد فراق ما كتبنا باختيارنا سطور الوداع الفجائي لحظتها.. كل منا ينشد الخلاص بجلده حتى لا تثقبه سهام التناوش التي انطلقت من كنانات المطامع و اقواس الاحلام التي ماتت هي الاخرى قبل ضحايا المعارك !
ستنتهي الحرب ليجلس طرفاها على دكة جرد الحساب.. ما بين سلاح مهزوم ونادم واخر غير منتصر ومصدوم.. اما حصاد الهزيمة فسيكون جفافا في حقل الوطن المجروح وهشيما في بيدر الشعب المكلوم.
والكل مسئؤل في مرحلة ترميم الكسور و لملمة الشتات.
فمن يقول للٱخر ما انت إلا ابليس اللعين الذي وسوس للطلقة ان تنفلت من عقال الفوهة .. فليس هو بالمقابل ذلك القديس الذي كان بأمكانه ان يعيدها بعد ان سبق السيف العذل!
ما فات لن يعود ومن مات لن يحيا و الناس تمضي كالمياه في جدول الدنيا الذاهب الى التبخر.. ولكن الاوطان تبقى ملكا للاجيال القادمة وعليها ان تتدبر امرها باستيعاب دروس حاضرنا التعيس وماضي اسلافنا الذي لا نعفيه من البؤس.
والعبرة دوننا من بلاد نهضت بعد حروب لم تترك حجرا على حجر.. فانسلت حياتها الجديدة من بين الرماد لتبني اطوادا من شموخ النمو الذي قفز باجنحته فوق حوائط محيطها ليظلل المدى القريب والبعيد بالاختراعات و يدهش الطرق بفنون الصناعات ويشبع البطون بصنوف الزراعات.
وذلك لان انسانها قد نبز الصراعات و حول الشعارات الى عمل و سخر السواعد لتصهر معاول الهدم وتحيلها الى الات للبناء.. وهذا لن يتحقق الا اذا ما رمينا وراءنا التخوين لبعضنا و تخلص كل منا من شعوره بانه يملك الحقيقة المطلقة وان غيره هو الخطأ الصراح.
ولابد ان نعلم بان اقدامنا ينبغي ان تتساوي حينما نمدها على تراب الوطن وعلى قدم التواضع.
فاختلاف الرؤى لا يجب ان يباعد بين النفوس ومطلوب من الكل ان يعوا الدروس تلك القاسية التي اعتصرتنا في ماكينة الخلافات تلك التي صنعناها بايدينا او تلك التي استجلبناها لتحرث في بوادينا بحثا عن مصالحها في غمرة تغاضينا!
.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى