الأعمدة

جيب معاك جدو وحبوبه علينا

تجدني لست من هواة الاكل خارج البيت منذ زمن بعيد خاصة بعد تدهور الاكل في المطاعم والبوفيهات واكشاك العصائر،وما يرشح عن الاضافات التي يقال انها تتم ومايتم تداوله من ذبح لحوم حمير وكلاب وخلافه تلك التي تضج بها الاسافير وهي بمثابة (عايره وادوها سوط)،ومع ارتفاع اسعار الوجبات والمشروبات بصوره مخيفه والذي لايكون في مقدور الكثيرين، وخاصة الذين استمتعوا بتناول الاكل في المطاعم وتناول المشروبات في الزمن الجميل وخاصه ايام الدراسه بالمراحل المختلفه،حيث كان الاكل يقدم باسعار في متناول الجميع فضلا عن خلو كل انواع الطعام من اي اضافات وذلك نسبة للمراقبه اللصيقه للسلطات الصحيه علي مدار اليوم.
الصدفه وحدها هي التي ساقتنا الي محل كافيه اسمه (جيب معاك جدو وحبوبه علينا) وهو يقع في جبره شرق الانفال وملاصق لفرع بنك الخرطوم فرع جبره علي يمين الشارع المتجه للميناء البرى، حرصي علي وصف مكانه بهذه الدقه نابع بخلاف انه محل متميز ونظيف ويقدم فيه الشاي والزلابيه بنكهه شرقيه يقوم فيه شباب رائع بتقديم خدماتهم بصوره تنبئ بسودان جديد في ظل عهد شباب ستقوم علي اكتافه نهضة السودان الجديد وفق رؤي شبابيه متطلعه في تقديم اجمل مالديها.
فوجئت بان اي طلب لكبار السن يكون مجانا وهذا مافسر لي فيما بعد تسمية المحل(جيب معاك جدو وحبوبه علينا) والذي لم ننتبه له في حينه،اعترف انها المره الاولي التي اصادف محل يحمل مثل الاسم ودلالاته الانسانيه ويقدم خدمات مثل هذا النوع،وهي فكره مبتكره ذكيه جدا من اصحاب المحل والذي يحمل دلاله انسانيه عميقه بالالتفات لشريحه مهمه ومهمله وهم كبار السن من الجنسين من الجدود والحبوبات والاهتمام بامر العنايه بترفيههم،ومبادرتهم هذه اعتقد انها كفيله لمنحهم ارفع الجوائز العالميه،وذلك ولانه مع ارتفاع وتيرة ايقاع الحياه،لم يتم اهمال كبار السن والاهتمام بالترفيه عليهم والاهتمام بهم فقط بل تعداه لركنهم في البيوت الي ان يلقوا حتفهم هذا ان لم يودعوا في دور العجزه وطبعا لا اتخيل ان يكون هناك دور للعجزه في السودان وان وجد اتمني ان يتم قفله فورا او علي الاقل استيعاب من لا اهل له،ولكن لا اتخيل ان يقوم ابن او ابنه بايداع ايا من والديه دار العجزه بحجة مشغوليات،اتمني ان تعمم فكرة هذا المحل بان يكون هناك تكريم لكبار السن في المواصلات والمطاعم والكافتيريات والحدائق العامه كقانون ملزم ودستور يعمل به،اتمني من كل الجهات ذات الصله من وزارة الشؤون الاجتماعيه والزكاه ودور المسنين والعجزه ممثل في شخص الدكتوره عزيزه سليمان مديرة (جسر) والتي تعني بالاهتمام بكبار السن والشيخوخه بزيارة هذا المحل وتكريم ادارته علي هذه اللفته الانسانيه الرائعه بالتبيه لواجبنا تجاه هذه الشريحه التي افنت من عمرها ولم تستبق لنفسها شيئا من حقهم ان ينعموا بخدمات ممتازه من ذويهم والحكومه والمجتمع،
نهاية الاسبوع الماضي كان يوما مميزا ضمتني جلسة استماع لاغاني الفنان ابراهيم عوض حيث استمعنا فيها لكل اغانيه من كلمات ابراهيم الرشيد والحان عبداللطيف ودالحاوي من باب الترفيه والترويح وهو عمليه مهمه جدا، وبداية هذا الاسبوع (السبت)كان زياره روحيه لمسيد المرغنيه حيث ترحمنا فيه علي جميع موتاهم وموتي المسلمين وقضينا لحظات روحيه جميله برفقة الوالده العزيزه سيده حسن جاز
مما اضفي علي النفوس بهجه ومتعه روحيه كان ختامها مسك بتناولنا كباية شاي من محل(جيب معاك جدو وحبوبه علينا) وكانت سعادتها بالغه حينما علمت ان ماتناولته كان مجانا تكريما من ادارة المحل لكل كبار السن.
جيب معاك جدو وحبوبه اتمني ان يكون شعار مرفوع في كل خطوط المواصلات والمطاعم والفنادق والشقق الفندقيه والكافتيريات والمستشفيات والعيادات الخاصه والمعامل وكل اماكن الخدمات بان يتسابق الجميع في خدمة هذه الشريحه المهمه للخروج بهم من نفق الوحده والتوحد والعزله التي يعيشونها كحق اصيل لهم في الحياه واتمني ان تكون هذه المبادره هي مشروع قانون اتمني ان يضمن بنود الدستور كبند اول يكون ملزم بالقانون.
كبار السن في اوربا والامريكتين يلقون اهتماما بالغا ويستمعون صحه وعافيه وحتي وهم في عمر التسعين عاما يؤدون مهامهم بل يتطلعون بخوض الانتخابات للفوز بفتره وفترتين وهم في غاية النشاط وهذا مرده لاهتمام الدوله بالانسان في جميع مراحل حياته،بعكس مايجرى في دول العالم الثالث المتخلفه بفعل سياساتها وقصر نظر حكامها،ففي السودان مثلا وفي ظل مايعانيه الانسان من اهمال ومرض، ما ان يبلغ الشخص عمر الخمسين وهو عمر الزهور والفتوه في دول اوربا، يبدا بكتابة وصيته وتوزيع ميراثه ويختم بان يوصي اهله بان يدفنوه جنب خاله عوض الله.
محمد حسين كسلا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى