منذ بداية الأزمة السورية ، والتي عملت فعلتها بالمواطن السوري ، وخاصة هذا الذي اختار البقاء ضمن حدود البلاد ، سواءً كان ذلك طوعاً أو الذي حالت الظروف المختلفة دون مغادرته الأرض الذي ولد وعاش فيها .
ومع مرور الشهور والسنون التي شارفت على الدزينة الكاملة ، تحول حال معظم الناس هنا ، والحديث هنا عن أبناء الجلدة السورية ، ولا أتحدث عن الغرباء الذين باتوا يقاسمون أهل البلد في كل شيئ ، بل ذهبوا لأبعد من ذلك بكثير ، فباتوا يملكون البيوت والمحال التجارية والعقارات ، حتى أن ملكية معظم المطاعم الفارهة تعود لهم ، تاركين الفتات لأولاد البلد .
طبعاً أتحدث عن منطقة شمال غرب البلاد ، وهي المنطقة الوحيدة الخارجة عن سيطرة الدولة السورية ، والتي مركزها مدينة إدلب وتضم قسماً من ريفها الجنوبي والغربي والشرقي ، وكامل ريفها الغربي ، كما تضم قسماً من ريف محافظة حلب الغربي .
تكتظ المنطقة بالسكان ، فبالإضافة لأهل المنطقة الأصليين ، قدم إليها الكثير الكثير من المهجرون الذين تركوا بيوتهم وأرزاقهم هرباً من القصف والتدمير ، سواء من أرياف إدلب وحلب ، أو من المحافظات الأخرى ، وخاصة من مناطق الغوطتين الشرقية والغربية للعاصمة السورية ، وكذلك من حلب وحمص وحماة وحتى من دير الزور .
وتضيق المدن الادلبية بالناس ، ويعيشون ظروف غاية في الصعوبة من كافة النواحي ، لاسيما الإقتصادية منها حيث يعجز معظمهم عن تأمين أدنى مقومات الحياة ، في ظل قلة فرص العمل ، وتدني الأجور إن وجدت ، وما يقض مضاجع هؤلاء ارتفاع آجار البيوت بشكل عام ، وعدم تمكن الآلاف من الحصول على خيمة في المخيمات المنتشرة في كل مكان .
في هذه الأجواء الفوضوية أصبح الإعلام عمل من لا عمل له ، بات كل من يملك كاميرا وميكرفون إعلامياً ، فتراهم منتشرون في الشوارع يسألون الناس أسئلة ساذجة مستغلين حاجة الناس الملحة ، معتقدين أن كل من يحمل الميكرفون سيأمن له كل ما يحتاجه .
منذ أيام هجم عليي أحد حملة الميكرفون وسألني : كيف تعيش ؟
دون أي تفكير أجبته : وهل نحن أحياء حتى تسألني كيف نعيش ؟
إن كنت تقيس معيشتنا على معيشتكم ، أو على معيشة كل من ضحكت له الحرب ، فالأفضل أن تجيب أنت على هذا السؤال ، أما عيشة البقية فالله أعلم بها .
من تدور حلقات عين الرجل وارتفاع حاجبيه ، عرفت أن الجواب وصله .