الأعمدة

رؤى متجددة : أبشر رفاي / الخليجيون ومهارة تسجيل الأهداف الذهبية في ميادين السياسية الأستراتيجية المتقدمة

????كثير من السودانيين ممن حملتهم ظروف الاغتراب إلى دول الخليج العربي يتحدثون ويوافقهم الحديث أهل تلك البلدان بأن المغترب السوداني قد ساهم مساهمة كبيرة في تطور ونهضة دول الخليج بل بعضهم قد واكب مراحل التأسيس فمن هؤلاء حسب مرصد الرؤى من يتحدث باب الفخر والاعزاز بإعتباره جزء لا يتجزأ من نهضة وتطور جزء من وطنه الثاني ووطنه الكبير ، والبعض الآخر من باب الحسرة والندم ( خاصة عندما ترد برأيهم الحسنة بعشر من السيئات كما الحال بعد رحيل الشيخ زايد الخير ونجله خليفة بن زايد آل نهيان ) ومنهم من يذهب في الحديث طويلا من زاوية الحيرة بانه كيف للبلدان والشعوب والدول تتقدم في سلك التطور بالمقارنة والمقاربة ونحن نتراجع القهقري في كل شئ حتى صرنا كالعير في البيداء يقتلها الظمأ والماء على ظهورها محمول ، حيث يقولون ويجترون الذكريات المؤلمة بأن السودان في خمسينيات وستينيات سبعينيات القرن الماضي كان من ضمن قائمة الدول المانحة ونجدة غريب وغريق في السراء والضراء والشواهد كثيرة ولكنها ممنوعة بعامل لا تبطلوا أعمالكم بالمن والأذى .
فى الحقيقة أن تقدم الإنسان وتأخره عن ركب التطور والحضارة وعلى مستوى الدول والشعوب أسبابه كثيرة ولكن أبرزها على الإطلاق العلم وهنا المقصود العلم الذي ينتفع به وليس العلم الذي يستنفع منه هذا من ناحية ومن ناحية أخرى عدم القدرة على تنشيط وتعبئة وتوظيف نعمة العقل والوعي العقلي بوصفه وديعة ربانية وضعها الحق تعالى في الذات البشرية حتى تعينه في تصريف والتصرف والتكييف مع شئون الحياة . للعقل ادوات تشغيلية كالفكر والتفكير والمفاكرة والفكر الإبداعي والتي من شأنها الإستكشاف والتنقيب وأستخلاص درر الحياة وكنوزها الثمينة مادية وروحية . فالعمليات الفكرية تفتح الآفاق تلقح الرؤى والمفاهيم ووجهات النظر المتبادلة لتثمر الخطط والمشروعات العظيمة المدرة لمداخيل معاني الحياة الكريمة..
نعم إن النهضة الخليجية التي ترونها اليوم من حيث الواقع والموقع بقراءات تحليلية عن بعد وليس من خلال المعايشة المباشرة ، فهي بلا شك قد إرتكزت على ثلاث مراحل واليوم هي في المرحلة الثالثة ، أما المرحلة الأولى فهي المرحلة التأسيسة وهي مرحلة قامت على توظيف وتوجيه الأفكار ومفاهيم الموروث التقليدي وقدراته ونقاط قوته الإيجابية لمصلحة المرحلة البنيوية بجانب تلافي سلبياته وتحوليها وتدويرها لأجل مواكبة الفرص النهضة البنيوية المتجددة ، والمرحلة الثانية كانت من نصيب توظيف قدرات طلائع الفكر الرسالي والإنساني الحديث ، الذي شكل طلائع النهضة البشرية والإقتصادية والعمرانية والتكنولوجية والمعلوماتية الخليجية ، أما اليوم فالأسرة الخليجية في قلب المرحلة الثالثة مرحلة الفكر الإبداعي الخلاق الذي يمثله الجيل الثالث إذا صح التصنيف ، وسنعطيك عددا من النماذج على سبيل المثال لا الحصر ، أولها تجربة ولي العهد السعودي رئيس الوزراء محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود الشاب الذي إعطاه الله الملك شابا بتقديره وقدره تعالى أعانه الله ، إرتكز الشاب ولي العهد رئيس الوزراء على منصة الإرث والموروث السعودي التقليدي الرسالي الانساني العريق ، وكما يقول المثل السوداني ( الحضر أبوه بيعرف كلام جده ) فمن هذا المنطلق ومن هذه المنصة خرجت وثبة مشروعات الفكر الإبداعي لولي العهد السعودي على كافة الصعد والإتاحات بدأ من أنذر نفسك وعشيرتك الأقربين والشعب السعودي الكريم محافظا وساعيا بالحفظ على علاقته البنيوية والبينية على مستوى عمقه العربي والإسلامي والدولي (القمة العربية الصينية) وبعده الإستراتيجي الغربي والغربي الكبير ( القمة السعودية الأمريكية والأمريكية العربية وغير ذلك من صور العلاقات والقمم القارية الذكية ، فما أن فرغ من مهمة هامة حتي نصب إلى أخرى أكثر أهمية في السياق وبفكر إبداعي خلاق ، بلغة رياضية ولا ندري هو رياضي ام لا ، ولي العهد يجيد فتح اللعب وتنوعه وبالياقة ذهنية بدنية حاضرة في كافة الميادين ، ودونكم ماتشهده الساحة الثقافية والفكرية والرياضة بالمملكة اليوم والتي تحولت بين عشية وضحاها إلى قبلة للإنظار من نوع آخر ، ومن ثم ذهب ولي العهد بأتجاه تطوير وتطور الحركة الاقتصادية على مستواها الرأسي والأفقي والتفاعلي والتي من صورها الاستثمارات والشراكات الاقتصادية الذكية مثال إقتصاديات أوبك بلص وإقتصاديات الجيل الثالث للطاقة الإستراتيجية الدولية البديلية طاقات التنمية البشرية وحفرياتها العميقة التي طورت مفهوم وعلاقات الطاقة الإحفورية التقليدية طورتها إلى رحاب الطاقة الخضراء البديلة المتجددة . ثم لم يتردد ولي العهد في إستدعاء الإرث الحضاري بطلب العلم في الصين ، والعلوم كثيرة منها علم البحث في علاقات الشعوب وفي الحفريات الإنسانية العميقة التي إستطاع من خلالها ولي العهد والذين معه من توظيف حكمة وحنكة وقدرات الكتلة الصينية الحية عبر إستراتيجية فتح اللعب وتنوعه وتفكيكه على نحو إيجابي في أكثر من إتجاه ، ابرزه تبويب وتفكيك عقد العلاقات المحلية والإقليمية والدولية عقدة تلو العقدة أسست في النهاية بالإشتراك المتقدم إلى نقلة نوعية غيرت مسار علاقات المحيط والعلاقات الإقليمية والدولية من حالة الشد والمشاددة إلى مسارات ومسار مختلف تماما مسار التقارب والتفاعل الإيجابي لفعل الخيرات وتبادل المنافع والمصالح الشريفة والسعي الجاد والمجود لإستدامتها لمصلحة الشعب والأمة والشعوب والإنسانية قاطبة ، خذ على سبيل المثال فك عقدة العلاقات السعودية الإيرانية عبر الوساطة الصينية وهي علاقة أزلية إستراتيجية بالأساس والذي يجمع بينها يفوق بأضعاف مضاعفة الذي يفرق ، وبتالي حل عقدة القطيعة بين البلدين الشقيقين الزعيمين قاد مباشرة إلى تفعيل خطط وخطوات الدبلوماسيات الثلاث الرئاسية والرسمية والشعبية بين البلدين والتي بدورها ستقود بإذن الله وبأقل تكلفة إلى حل عقد كثيرة وبشكل تلقائي متتالي في مقدمتها عقدة الصراع اليمني اليمني ويضاف لحلها مبادرة حشد الموارد لإعمار اليمن السعيد مثلما تفعل بريطانيا اليوم وسط الأسرة الأوروبية لإعادة إعمار اوكرانيا ، ومن ثمرات وهدايا العلاقات السعودية الإيرانية وصول حجاج صنعاء هذا العام مباشرة لمكة المكرمة بدلا عن طريق رأس الرجاء الصالح القديم في سابق الأيام وسط حسن إستقبال وحفاوة مميزة بنكهة وحفاوة إستقبالات طلع البدر علينا ، إذن بقليل من الصبر وتفهم سياسات ولي العهد والإدارة السعودية والذين يشاطرونها نفس الهم والفهم كل شيئ قريبا سيمضي على مايرام ، ولمعارضي سياساته معارضة راشدة فهو قطعا سيكون من السعداء بذلك والمستفيد الأول بمنطق ومنطلق نصف رأيك عند أخيك ولا خاب من إستشار وبارك الله في إمرء أهدى لي عيوبي وللمعارضة الهدامة قطعا لا توجد في التجارب البشرية صفة ولغة الكمال فللكل سلبيات وكذلك إيجابيات والحساب ولد ، فالحكمة تقتضي الشكر على الإيجابيات والصبر على السلبيات حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا .
وهنا لا بد من تقديم واجب الشكر وعميق التقدير لقيادة جمهورية إيران الإسلامية على رأسها ولاية الفقيه على أكبر خامنيئي والرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية دكتور اللهيان على التفاعل والتعاون الكبير مع جهود إحياء هذه العلاقة الإستراتيجية المفتاحية الحضارية الإنسانية الجبارة والتي لعبت ولازالت تتلاعب جهات كثيرة بتقاطعاتها الطبيعية والمصطنعة خصيصا لأستدامة القطيعة والتوتر في المنطقة بأعتبار العلاقة خط دفاع ضد مشاريع الهيمنة النائمة والقائمة وفي نفس الوقت العلاقة جسرا للتواصل الشعوبي والأممي والإنساني الحر تواصل على أسس صحيحة تحترم كرامة الإنسان وحقه المادي والروحي والنفسي ، وفي سياق تلك الجهود ولضمان تعزيز إستمراية العلاقات الثنائية والجماعية بين بلدان ودول المحيط والإقليم والتجسير الدولي نقترح للمملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية عقد مؤتمر إقليمي مشترك برعاية الصين يؤطر ويؤسس لعلاقات دول المنطقة على مسار متجدد أساسه إستدامة التعاون على حده الأدني أو الأعلى بميثاق عظيم وضمانات جماعية وثنائية ، المهم في النهاية يجب تشييع الفتن والصراعات الفعلية والمفتعلة وسط دول وشعوب وحكام المنطقة تشييعها إلى مثواها الأخير وينتهى عزاؤها بإنتهاء مراسم دفنها ، وقد تلاحظ في هذا الصدد بأن ثمة جهود جبارة ظل يبذلها السلطان هيثم بن طارق سلطان سلطنة عمان الذي مشي بخطى ثابتة على سكة حكيم الأمة الراحل المقيم السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان الذي قضى حياة عامرة بالحكمة والحنكةوالتنمية والأعمار وضعت السلطنة في درجة عالية بين الأمم والشعوب ، فمن الأدوار الكبيرة والمهمة التي يقوم بها السلطان هيثم هندسة العلاقات بين الجمهورية الإيرانية وجمهورية مصر العربية التي تفتح هي بدورها نحو العلاقات التركية وما أدراك ما العلاقات التركية المؤثرة والممتدة ، فدور جمهورية مصر العربية دور مفتاحي مهم عبر الرئيس عبد الفتاح السيسى لفتح جميع الأبواب الموصدة ( المتاكية المتركشة) بالعامية السودانية أدخلوها بسلام آمنين من أجل إسعاد الأمم والشعوب ونبذ كافة أشكال الكراهيات فطرية ومكتسبة ، وهنا لا ينبغي لنا أن ننسى جهود الجامعة العربية عبر المجموعة العربية الرباعية في إستعادة الجمهورية العربية السورية إلى بيتها العربي ومقعدها من سنين بالجامعة العربية .
نختم القراءة والسياحة الفكرية في هذا المحيط الجبوسياسي المهم بالدور القطري الذي أسس منصة إنطلاقته الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والشيخة موزة والدا الأمير تميم الدار بن حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة الذي ولاه الحق تعالى الحكم وهو شابا عبر نقلة نوعية شورية ذكية تفضل بها في وقت مبكر والده الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والتي بموجبها أخذ الأمير تميم الدار كتابه بقوة وبفكر إبداعي عميق تجلى ذلك في الأدوار الطليعية التي ظلت تلعبها دولة قطر الفتية في عمقها الداخلي وبعدها الخارجي على صعيد الجوار والجوار الجنب وفي أعالي البحار ومن وراءها والمحيطات فدولة قطر لا ينبغي أن ينظر إليها اليوم فقط من الزاوية المنفرجة للمال وعرض الحياة الدنيا على اهميته وإنما ينظر إليها من زاوية قائمة بما تقدمه للشعوب والإنسانية جمعاء من الخير العميم ومهارات قيم التعارف والتعرف والعرفان عبر أكثر من وسيط ووسيلة ، ودونكم تجربة كأس العالم والتي كانت بمثابة إبداع فكري قطري تمكنت من خلاله قطر وبما قل ودل من إيصال رسالتها وأمتها وشعوب المنطقة ، من خلال ناقلات ونواقل الشبكة العنكبوتية للشعوب عبر محركات القلوب والضمائر والمشاعر ومراصد الألسن وحفظيات السمع وعدسات الأعين برافو . ولنا عودة بإذن الله حول مؤشرات نمو الفكر الإبداعي بدول وحكومات وشعوب الخليج المرحلة الثالثة والتي بموجبها سيتحول الشرق الأوسط والأدني والكبير من منطقة الضغط المنخفض ضعيف مستضعف مضطرب إلى عال بقيم العدل الأمن السلام والإستقرار المستدام ….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى