الأعمدة

صديق الحلو يكتب : الفنان مصطفي سيد احمد… ياحلو دا السكوت مرات حرام لومني مستني الملام..ياسلام عليك ياسلام.

صعب جدا ان تتحدث عن الفنان مصطفي سيد احمد المقبول. بعد عقدين من وفاته. كثير من الكتابات كتبت عنه وعن فنه المتجاوز. ماهو الجديد الذي يمكن أن يضاف…تحليلا ونقدا وكشفا لرؤي مغايرة…بعد ان ظهر مصطفي سيد احمد،علي الساحة الفنية تغير كل شيء كان مصطفي مطربا وموسيقارا وشاعرا رساما…يمتاز بالكبرياء .العمق والبساطة وتلك الوسامة التي لاتخطئها العين. عاش في وسط السودان في ودسلفاب بالقرب من الحصاحيصا حيث الطيبة والاخضرار وتلك السماحة. من كريمة في الشمال الاوسط اتي ودرس في بورسودان ثغر السودان الباسم. من البحر والنيل والجزيرة من هذا المثلث تكونت شخصيته الفريدة. فاخذ من خصائص الصحراء الصبر والرحابة والنقاء والغموض. ومن النيل عمقةورحابته واسراره. ومن البحر اتساعه. هدوؤه واصطخابه في الاعماق .ومن الارض الزراعية المنبسطة جمالها الأخاذ وطقسها البديع. درس مصطفي سيد احمد في كلية الموسيقي والمسرح وعمل بالتدريس. احساسه بقرب الموت بعد اصابته بالفشل الكلوي. انسانيته الدفاقة جعلته يلحن ويغني 463 أغنية لاكثر من خمسين شاعرا من اميز شعراء الاغنية في السودان: محمد طه القدال. ازهري محمد علي .حميد. صلاح حاج سعيد.الصادق الرضي. يحي فضل الله. ابوذر الغفاري. حافظ عباس محمد نور..وآخرين….
تمرد علي الشكل القديم في الغناء رافضا الاستلاب والارتهان لزمن الانكفاء. حيث استوعب الجيل الطالع غناؤه تجاوبوا معه حيث وجدوا شيئا في غناءه غير تقليدي. تقدمي ومتطور. غناء يلامس شغاف القلب ويخترق الحجاب الحاجز….كان يختار كلمات لها معاني ودلالات. وقائع واحداث تمس جوهر الاشكالات والقضايا عند الناس الكادحين. المهمشين. ملح الارض. ترجم مصطفي ضمير امته غناءا خالدا علي مر الايام. تغلغل في جوهر عصره وتقدم عليه بمسافات ضوئيه مستشرفا المستقبل..انفجرت موهبته التعبيرية القادرة علي التغيير وعلي بلورة المشاعر الجياشة لتطلعات الجماهير في الحرية والعدالة والسلام.صنع مصطفي من مشروعه اغنية طويلة كملحمة رسم زمانه. اخذ مادته من الحياة المعاشة وجعلها صور ناطقة بالجمال…كلمات يغني معها الناس ويرقصون. لخص هموم امته آلامهم واحلامهم في عم عبدالرحيم. واغنيات أخر تفيض بالشجن. وكان من معاصريه خوجلي عثمان. مجذوب انسه. عبدالعزيز العميري. ابوعركي البخيت ودالامين والامين عبدالغفار. عبروا معا عن عصرهم بشفافية. ووضوح. غني نصوص منفتحه ومنطلقة. لو أردت ان تعرف مصطفي من خلال اغنية السمحة قالوا مرحلة فهي فيها كل مقومات اغانية الكبيرة اللاحقة. ذلك الحنين والحزن والاسي والشجن. والذاكرة التي تريد استرجاع ذاك الزمن الجميل في الوطن الرائع سوداننا الحبيب. حزن عالمي….وصل صوت مصطفي للعالم العربي وافريقيا واروبا. نصوص مصطفي التي غناها تنفتح علي الواقع وتحاوره يشارك المتلقي المستمع في النص المنفتح. لاتحس بانه يفرض منطقه الذاتي علي المتلقي. بل يصبح ذلك موقف المتلقي نفسه. اعمال مصطفي سيد احمد تمتاز بالتجويد والرصانة وذاك الالق والتطريب العالي. ولأنه عاني من المرض كثيرا فهاهو يفرغ شحنات الألم من خلال العمل الفني المتميز. لقد حول مصطفي الحياة الي عمل فني متكامل. وقلب ايامنا راسا علي عقب جعل الدنيا جميلة في اعيننا بهذا البهاء. ويمكننا هنا اعتبار مصطفي من فناني الحداثة في السودان. صعب التقليد. والآن جاءت مابعد الحداثة…الراب بفوضاه التي بلا حدود. نحن اذن في فترة انتقال ثم يأتي الاستقرار والذي ينتج فنه حسب المرحلة. كان مصطفي واعيا بشيء ما. تقويض القديم والاتيان بشيء جديد مغاير ومختلف. وبدأ مشروعه الغنائي دلالي وجمالي…يملأ فراغات الغناء في بلد المليون ميل مربع التي اقتطع منها الزواحف ثلثها دون أن يرف لهم جفن. من العالم الخيالي للمبدع اثبت واقعا معاش. صار مدرسة في فن الغناء والتطريب وله بصمته.
المدرسة الشكلانيه تقول:
إن يعامل النص كعالم مستقل من ذات كاتبه. ولكننا نري في اغاني مصطفي ان الصورة غير عاديه وتكون مركز احتشاد لذات بأكملها. يريد ان يستخلص الرؤية الكلية للعالم(العصاره)وفي هذا تفرده. التعرف علي شكل الوعي المهيمن علي حقبة تاريخية بأكملها . هناك صلة حميمية بين الفنان مصطفي سيد احمد وجمهوره…..حيث أن ذاته تسكن النص ويتماهي معه جمهوره في نوع من الوجد الصوفي بتواصل شعوري وجداني عرفاني عالي المكانة…وسامي الدرجات. بوعي وإدراك منقطع النظير بكونه مختلف وواصل. ويكون الاستسلام لهذا الغرائبية كالمنوم مغنطيسيا بما تحمله من كلمات وصور وأفكار.يمكن القول اذن ان الاستماع لهذا الأسطورة عملية ابداعية تجاري وتتماهي مع غنائه ذو الاسلوب المختلف. المتميز والفريد.والذي لن يتكرر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى