تراشقات العسكر من الفاعل إلى نائب الفاعل !
عادة حينما تحدث الشجارات الكلامية أو حتى التراشق بالحجارة بين الصغار فإنه ينطبق على هذه الحالة المثل القائل ..الصغار يأكلون الحصرم والكبار هم من يضرسون .
ولكن في حالة التراشقات الخطابية التي بات يطلقها عندنا قائدا الجيش والدعم السريع ..انعكست الحكاية فأصبح نواب الفاعلين في الرتب الثانية هم من يلتقطون حجارة تراشق قادتهم ليطلقوها في اتجاه الخصم بنبال التحذير أو التهديد في فضاءات احتفالات الاعراس والختان الجماعية في ناحية من الوطن و حلبات رقصات الكمبلا في جهة أخرى أو حتى في ملمات القبائل التي استمرأت القاعات المكيفة بدلا عن جلسات الأشجار الظليلة بمودة النخوة الفطرية !
وهي تراشقات وان اعتبرها البعض زلات لسان جانبتها الحكمة في عدم اختيار المكان الخطأ والزمان غير المناسب ولكنها بالضرورة لايمكن فصلها عما يعتمل في البطون ويمور في الصدور و يربض في العقول الباطنة ..فالنفس البشرية هي من فصائل الطبيعة التي لا تعرف الفراغ !
غير أن الملاحظ أن هذه التراشقات لم نسمع فيها مرة كلاما يتعلق بمشاكل المواطن الحيوية التي باتت تؤرق منامه وتقلق صحوه في حياته المعيشية اليومية ولم يتبارى اولئك القادة الفاعلون سلبا في المشهد أو نوابهم الذين يغردون في سربهم أن فسروا لنا مثلا لغز تركهم لوزير المالية المليشياوي الذي أصبح دولة تعمل خارج قانون الميزانية إن كان هنالك قانون أو حتى حكومة لها ميزانية ذات معالم اصلا..فصار الرجل امبرطورا يتحرك في مملكة خاصة به بلا كابح دستوري حاكم أو منطق عقلاني مفهوم !
أن يكون هنالك بلد بلا سلطة تنفيذية مركزية ولا جهاز تشريعي و يجلس في ذروة سدتها السيادية مجلس مبعثر الاوراق و فاقدا للقدرة على الفعل على مدى عمر انقلاب عسكره على السلطة المدنية الشريكة ويصر قادته على المزيد من البقاء بل و يفعلون المحاولات الحثيثة لعرقلة العودة إلى المسار المدني الديمقراطي بهذه التراشقات المكشوفة التي تغذيها جهات تسعى لؤاد الثورة فهو الأمر الغريب فعلا الذي ينم عن الخوف من عاقبة مسئوليتهم عن الكثير مما يستوجب عدم السقوط بالتقادم !
رئيسة وزراء بريطانيا السابقة ليز ترأس المنتخبة تنظيميا من حزب المحافظين والتي كلفها شرعا مجلس العموم لرئاسة الحكومة ..تقدمت باستقالتها بعد مرور أربعين يوما فقط لأنها لم تستطع تنفيذ برنامجها الاقتصادي وهي البريطانية ذات الدم الازرق وامها بنت عم ابوها والتي أعدت خطتها لولايتها ووعدت بها الشعب ولكنها فشلت في إحراز النتائج المرجوة..فاستقالت بكل أريحية غير خائفة ولا متعنتة.. ليخلفها رئيس وزراء من أصول هندية لأنه أتى ببرنامج بديل وجد البرلمان ان فيه ملامح الإصلاح المنقذة .
طبعا المقارنة هنا غير منطقية ..ولكني أوردها فقط لفش غل النفس المغمومة.. والله المستعان !