الأعمدة

حينما يختلف اللصوص ..ينكشف المدسوس !

الانقلابات العسكرية في كل العالم وبلادنا ليس استثناءا مع اختلاف الظروف.. فهي اس الكوارث و المدية التي ينغرس حدها في نحر الديمقراطية لاسيما أن كانت وليدة خديجة ومن ثم تطعن في كبد الحريات وتقطع شرايين الحياة لتتدفق منها الدماء العسكرية والمدنية فيستشري عفن الفساد في جسد الوطن كله ويتأفف منه القاصي قبل الداني !
صحيح أن فشل الأحزاب السياسية في عدم تحمل قسوة نتائج السجال الديمقراطي أو عدم صبر الشعوب على مرارة مشوار الديمقراطية الشاق ربما هو ما يدفع بالمدنيين إلى اغراء العسكر بالتقدم لاستلام السلطة أما قطعا لطريق الخصوم المنافسين حتى لايصلوا إلى سدة الحكم ولو ديمقراطيا أو لمجرد تصفية الحسابات السياسية البينية .!
غير أن المسئؤل الاول هو من ينفذ الفعل الانقلابي لانه يحنث بقسم واجبه الاساسي وينحرف إلى مهمة ليست من صميم تكليفه الذي من أجله تشرف بلبس تلك البزة أو من أجله حمل السلاح .
وبكل أسف فان الكثير من دماء الكفاءات العسكرية التي أنفقت الدولة الغالي والنفيس من أجل تغذية شرايين القوات المسلحة بها قد سالت في عبث الانقلابات التي وصلت إلى سدة الحكم أو التي فشلت في سبيل بلوغ ذلك الهدف بالسرقة المماثلة !
غير ان الحالة التي تمر بها بلادنا في هذه المرحلة وقد نصب فيها رجلان نفسيهما حاكمين بامرهما دون تكليف أو أهلية اللهم إلا بسلطة السلاح والمال و التحشيد الجهوي والقبلي وكل منهما يدعي على الاخر بمخالفة نصوص اتفاق اللصوصية في شراكة المسروق .
و التاريخ علمنا وعبر التجارب الكثيرة وكما يقول المثل البدوي السوداني (أن وجود ثورين في زريبة المراح هو أمر يشكل خطراً على بقية القطيع كله) أو ما معناه في هذا المضمون وان اختلفت الصياغة !
فمن السذاجة بمكان أن يكون تفسير ما يحدث الآن بين شريكي السرقة المتعددة الأصناف والمصالح إنما هو في سبيل مصلحة الوطن من وجهة نظر كل منهما !
فالخلاف بالدرجة الأولى هو خلاف مصالح ذاتية استقواء بمؤسسات اصبحت دون شك أسيرة بل ضحية لذلك الصراع بين رجلين كل منهما يخشى من غدر الآخر فيحاول أن يثير حفيظة مؤيديه على خصمه و بتحريك وجر مشاعر الرأي العام لمصلحته أو استجلابا لقوى خارجية للاستنصار بها وإن بلغ الأمر خطورة أن يصبح سيفا طاعنا في خاصرة السيادة الوطنية التي يصرخ من يؤججون نيران الفتنة تباكيا عليها مستنكرين وجود البعثات الاممية والدولية المدنية ويصفون من يتعاطون معها سياسيا بالعمالة ولكنهم يغمضون عيون التعمد عن جحافل الجيران التي لم تكتفي باحتلال الأطراف ولكنها تطمع في التوغل إلى عمق تلك السيادة بكل قوة عين وبتسهيل من حاكم يتلاعب بعامل الزمن لكسب الجولة لصالحه بينما خصمه الشريك في قسمة المسروق ..ينظر إليه بعين تقول له لا تنسى يا الحبيب
(نحن دافننو سوا)
ولكن ليعلم هؤلاء أن الشارع اوعى من أن يسكت على خلاف اللصوص حينما ينكشف المدسوس ..بل وربما يكون لهذا الضرر من صراع اولئك الديوك نفعا في توحيد قبضة الثورة التي تفرقت أصابعها كل يبحث عن كف يأويه ..ولكن لا مأوى لاصابع الحادببن على مستقبل هذا الوطن الا كف الثورة الموحد ليضرب بقوة اللطمة على وجوه لصوص السلطة والمال والنفوذ و تحطم معهم اياد من يصفقون لهم في صفاقة عدم الحياء وانعدام الخجل .
والله ناصر الحق متى ما صدقت النوايا الوطنية و توحدت الإرادة الثورية ..وهو من وراء القصد !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى