الأعمدة

في هذه الحالة فقط ..سينتصر الجيش .

ما يجب التأمين عليه بروح المنطق الوطني الواقعي أن فرصة مستقبل حميدتي في خارطة مستقبل السودان ستكون منعدمة ايا كانت نتيجة هذا الصراع الدامي على السلطة بالدرجة الأولى وذلك لاعتبارات عديدة أهمها أنه لا يملك مشروعا سياسيا قائما على وعي راسخ يؤهله للرهان على أي نجاح مهما صور له مستشاروه المنتفعون بماله الذي أغراه بان يوسع من أحلامه التي لا تقف على أية سيقان ولا أجنحة لتحلق بها في فضاءات ابعد من التي حققها في تاريخه القصير والمنبت !
غير أن ذلك لا يعني أن هزيمته كقوة عسكرية ضاربة ستكون سهلة مثلما صور المحرضون للبرهان وأركان حربه المقربين. بينما بعض التسريبات تقول ان كبار ضباطه لم يكونوا على علم بما كان يحتاط به من خطط لمواجهة احتمال نشوب هذه الحرب اللعينة التي لاحت افقها بوضوح وتوقعها الكثيرون مثلما هم متأكدون من ظهور هلال شوال إيذانا بحلول العيد .
وهذا يطرح فرضية أن البرهان ربما لم يتخذ بصورة مباشرة ومدروسة قرار الدخول في الحرب بل وليس هو من أطلق رصاصتها الاولى تماما كما لم يفعل حميدتي !
ولكن الطرفان وجدا نفسيهما وهما ينقادان إليها قسرا بعد أن انطلقت شرارتها من عود ثقاب رماه طرف لطالما قرع طبولها و مهد لها واستغفل كل الأطراف التي كانت تسير في اتجاه التسوية السياسية الإطارية التي كانت الضحية الأولى لانطلاق رصاصة الفتنة وقد اخترقت راسها وهي أن لم تكن قد لقيت حتفها فعلا فإنها دون شك ترقد حاليا في حالة احتضار داخل غرفة العناية المكثفة في عدم وجود أي طبيب من حولها .
ولعل خطورة موقف الجيش رغم إمكاناته المهولة التي ترجح كفته دون شك ..أن يكون قد دخل إلى مواجهة قوات الدعم السريع وهو منقسم إلى ثلاثة صفوف !
صف يتحرك بإمرة البرهان كرتبة عليا وفقا لما تقتضيه قوانين التراتيبية العسكرية المعروفة .
وصف ثاني تحركة العقيدة الايدلوجية الاسلاموية التي سيطرت على مفاصل الجيش طويلا وتحكمت في تحديد تركيبته وتحديد وجهة ولائه السياسي والفكري .
وصف ثالث يدافع عن استقرار الوطن بصفاء عقيدته العسكرية الاعتبارية دون ولاء لشخص بعينه أو تنظيم ما ..وانما فداء للتراب والقاطنين فوقه وحفاظا على أمن البلاد والعباد وتحسبا لعدم انفراط عقد تماسكه الهش وانقطاع خيط النظام فيه الواهن اصلا و تجنيب البلاد الانزلاق إلى ما لا يحمد عقباه .
وهنا ستكون احتمالية تحقيق النصر الموزر باعجل مايكون لجيشنا كبيرة إذا ما انصهر في الصف الاخير نائيا بنفسه عن بقية الصفوف التي تقاتل لاهداف ذاتية ضيقة لا تختلف عن احلام يقظة حميدتي الفضفاضة !
والا فإن تشتت جبهات الجيش في تلك المحاور المتنافرة سيضعف من فرص نجاح تفوقه النوعي والكمي وربما سيطيل لا قدر الله من امد المعارك الحالية ويؤجل حسمها..خاصة وأن اخر ما صرح به قائد الجيش البرهان واصفا هذه الحرب بأنها عبثية وكأنه يتحدث من موقع الوسيط لاخمادها لا بصفته المدافع عن كرامة جيشه.. او الشريك في تإجيج أوار هذا الحريق الماحق الذي أفنى اخضر الارض في أسبوعه الاول و بدأ يتجه إلى يابسها أن كانت لا تزال فيه بقية !
فتبا لها من حرب صبيانية.. لعن الله من أوقد نارها ..وحما السودان وأهله الطيبين من عاقبة اتساعها .
أنه مجيب كريم .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى