
بعد مخاض عسير وغرق في نزف جراحاته المتكالبة عليه من داخله ومن خارجه هاهو لبنان بجغرافيته الصغيرة وطبيعته الساحرة وشعبه الوديع يضع اولى خطواته للخروج من غرفة الإنعاش نحو عنبر التعافي ..بعد أن تهيأت له الظروف بضربة لازب ..عقب إنكسار شوكة حزب الله في حربه غير المتكافئة مع اسرائيل والتي وجد نفسه يخوضها وحيدا في غياب ايران التي تبنته ولكنها وقفت تتفرج عليه وقادته يتساقطون تباعا ومن ثم جاء سقوط النظام البعثي السوري ليهييء الملعب ليبرا لبنان ولو نسبيا ..رغم توافد أوصياء الخارج إلى بيروت بعضهم يحمل عصا الترهيب والبعض الأخر يمد له جزرة الترغيب !
وبما أن الغريق لا يملك من أمره شيئاً غير التشبث بالقشة المتاحة املا في النجاة ..هاهو قائد الجيش اللواء جوزيف عون يتقدم للجلوس على مقعد الرئاسة الذي مل الشغور وقد إمتد لأكثر من عامين في ظل تعطيل الثنائي الشيعي حركة أمل وحزب الله انتخاب البرلمان لرئيس الجمهورية باستخدام آلية الثلث المعطل التي تكسرت نصالها بالأمس مصطدمة بحائط الضغوط الإقليمية والدولية !
وهذا ما يثبت حقيقة أن الأمور حينما تفلت من بين يدي أهل البلاد فلا مناص من أن يجدوا هذه الأيد مشدودة باصفاد القوى الخارجية التي لا فكاك منها إلا بتحكيم صوت العقل وتوحيد الإرادة الوطنية قفزا فوق خلافات القوى السياسية لتعلو مصلحة البلاد وشعبها فوق المصالح الذاتية الضيقة و أن يتواضع حملة السلاح كحالتنا السودانية المعقدة في نهاية المطاف للجلوس إلى طاولة تلمس الحلول التي تجنب الأرواح المزيد من الهلاك وتحفظ ما تبقى من مقدرات الوطن وبغض النظر عن تحقيق هذا الطرف من انتصارات على الارض او تراجع الطرف الآخر إلى زاوية التربص لٱحداث المزيد من فوضى حرب العصابات التي قد تتغلغل في ثنايا المجتمع.
وبالتال تنأى بنا محجة الحكمة بعيدا عن التدخلات التي ستصبح واقعا مفروضا متى ما فشلنا في مداوة جراحاتنا بملحنا الذاتي على مرارة اوجاعه التي يعقبها التعافي دون الحاجة لمبضع الطبيب الوافد الباهظ التكاليف والممض الالم .
نبارك للشقيقة لبنان هذه الخطوة الجريئة ونأمل أن تتبعها قفزات اخر يات للخروج من مستنقع الصراعات وتبعات التدخلات التي من شأنها أن تقعد بالاوطان في مؤخرة الصفوف والعالم من حولنا يتقدم مسترشدا بنور العلم و قوة العقل لابعقلية القوة وحدها .
حما الله السودان من قاصديه بشرور التدمير والنهب والتهجير ومن غفلة ابنائه في غمرة التباعد و التنابذ و الإحتراب الذي يجلب لنا المزيد من الخراب.
أنه مجيب حميد ..
وهو من وراء القصد .