جبل البركل… قدسية السحر والجمال…

جبل البركل…
قدسية السحر والجمال…
السودان ارض التاريخ والآثار..أرض النيل والنخيل وأرض الملوك والكنداكات . فكل أنحاءه لنا وطن يدعو للتباهي والإفتخار .

ومن أجمل المعالم التاريخية والسياحية منطقة جبل البركل ( كعبة الكوشيين) ، الذي يقع بالقرب من مدينة كريمة شمال وطننا الحبيب والذي يعني( الجبل المقدس) فهل كلمة (بركل) لها ثمة علاقة ( بالتبرك) و( البركة) في اللغة النوبية القديمة؟!! وهل تقلب (الهاء) ( لام) للناطقين بالنوبية حينها؟!!. مازال للتاريخ غموض وغيبيات للبحث والتقصي .
لو سمح لنا جبل البركل وسمح لنا تاريخنا العظيم لأسمينا هذا الصرح ب( كعبة الكوشيين) وذلك لما تمتعت به المنطقة بصفة المركز الديني خاصة خلال عهد مملكة نبتة والتي تم تأسيسها منذ القرن العاشر قبل الميلاد بواسطة الجد ( الارا) حتى قضت على الدولة حملة الملك ( بسماتك) ، فكانت بمثابة ( موسم الهجرة الى الجنوب) لميلاد مملكة جديدة هي مروي ( كوش الثانية ) والتي استمرت حتى القرن الرابع الميلادي ، وخلال ذلك التاريخ الحضاري الطويل الملئ بالأنجازات ،ظل جبل البركل قبلة أنظار الملوك والملكات من أجل إكمال طقوس التتويج ،والطقوس الجنائزية الملكية ايضا، فبذلك اصبحت منطقة جبل البركل بمثابة رحلة الحياة والموت بالنسبة للملوك والتي تبدأ بطقس التتويج وتنتهي برحلة الى العالم الآخر.
من أين استوحيت تلك القدسية؟:
يضم جبل البركل اشهر المعابد في السودان القديم وهو معبد الإله آمون ، الذي يرمز اليه بالكبش والذي يعني ( الخفي) ، وقد لعبت الرمزية دوراً كبيراً في تصميم هذا المعبد ،كما يحتوي المعبد على أشهر اللوحات في التاريخ الكوشي وهي ( لوحة النصر) للملك بعانخي حوالي ٦٩٧ قبل الميلاد.
كما شيد الملك تهارقا معبدا محفورا في صخور جبل البركل ، فالملك تهارقا نفسه تذكر الروايات التاريخية انه محاط بهالة من القدسية اذ أنه مذكورا في اسفار التوراة .
البركل لوحة فنية:
يحتوي هذا الجبل المقدس على نقوش الملوك خاصة الملك تهارقا ، اضافة الى فن الرسم الجداري والنحت المشبع بالألوان الزاهية المبتكرة خلال العصر النبتي، خلافا لفنون العصر المروي حيث درج إنسان تلك الحقبة على الفن الواقعي الطبيعي ، فأصبح جبل البركل بذلك لوحة فنية تحوي العديد من المدارس الفنية التطبيقية. ولا ننسى ذاك السحر والفن المتواجد في واجهة الجبل حيث عدد من التماثيل ترمز للملك تهارقا المدفون في هرم نوري.
فالمنطقة كانت جديرة بان تكون ضمن التراث العالمي لليونسكو ، و نحمد الله كثيرا انها لم تتأثر حتى الآن بهذه الحرب اللعينة ، و نتمنى ما بعد السلام ان تصبح المنطقة قبلة سياحية إن شاء الله….