بلوماسية “السواقة بالخلا” : عمر قمر الدين
أثارت مطالبة مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة بنيويورك، السفير الحارث إدريس، لمجلس الأمن بضرورة نزع أسلحة قوات الدعـ.م السـ.ريع الكثير من التساؤلات في الأوساط السياسية والدبلوماسية.
وكان سفير السودان قد ضمن هذا المطلب في خطابه أمام جلسة الإحاطة والمشاورات التي عقدها مجلس الأمن حول الأوضاع في السودان في بداية الأسبوع الحالي وركزت على قضية حماية المدنيين على ضوء الانتـ.هاكات التي ارتكبتها قوات الدعـ.م السـ.ريع في مناطق شرق الجزيرة مؤخرا.
اللافت، في هذا الأمر، أن حكومة بورتسودان ظلت تكرر بشكل مستمر رفضها لأي تدخل دولي.
قائد الجيش يغير سرديته
ووصف عمر إسماعيل قمر الدين، وزير الخارجية الأسبق، ، مثل هذه المواقف بالساذجة لدرجة الاضحاك وأنها واحدة من الإشكالات الغريبة بالنظر إلى أن الشعب السوداني استمع لقائد الجيش ورأس الحكومة في أكثر من مناسبة يتحدث عن أن قوات الدعـ.م السـ.ريع قد تمردت على الجيش، وكان هذا تعريفهم للصراع الذي اندلع في 15 أبريل 2023.
وأضاف أن المتمـ.رد هو في العادة جزء من المؤسسة التي يتمـ.رد عليها والعالم كله يشهد على ذلك ولن يفيد تغيير الرواية في مرحلة لاحقة بأن الدعـ.م السـ.ريع أشعل الحـ.رب وكل الروايات الأخرى.
واعتبر وزير الخارجية الأسبق أن عملية نزع السلاح شأن داخلي، والجيش محق عندما يكرر ذلك، لذلك يبقى أمام قيادته خياران؛ أولهما الاستمرار في الحـ.رب وسحق القوة المتمردة، وقد أثبتت الظروف استحالة الوصول لهذا الهدف على المدى القريب مع القول بأنه ليس من المستحيل أن ينتصر الجيش على المدى البعيد، كما أنه من غير المستحيل أن ينتصر الدعـ.م السـ.ريع على الجيش ويقذفه خارج المشهد وقد حدث ذلك في عدد من الدول الأفريقية ودول الجوار مثل اثيوبيا ويوغندا.
أن تأتي متأخرا
واستدرك قمر الدين أن الموقف الأساسي لحكومة بورتسودان هو رفض التدخل الدولي، لكن طرفي الحرب يسمحان بتدخل أطراف خارجية معروفة ويستوردان الأسـ.لحة ويُستعان بأجانب في قيادة الطائرات مثلما كشفت عنه حادثة طائرة المالحة بوجود طيارين من روسيا، وهذه أشياء مثبتة لا تحتاج إلى دليل.
وتابع قائلا إنه لذلك يتحمل طرفا الحـ.رب مسؤولية تدويل الصراع وإدخال البلاد في هذا النفق المظلم، وبعد ذلك تعارض تدخل المجتمع الدولي وفي نفس الوقت تقدم له مطالبات محددة.
وأضاف وزير الخارجية الأسبق بأنه عندما تكون الدول في أوضاع مماثلة للتي لما يحدث الآن في السودان، ومثل هذه الحـ.رب التي لم يكن هناك داع لها ووصفها طرفاها بالعبثية، نجد أننا قد أدخلنا السودان في ورطة وأدخلنا معنا دول أخرى في هذا المأزق.
وأضاف أن الورطة الأكبر هي ورطة الشعب السوداني الذي يعاني من الفقر الجوع والمرض والنزوح والموت المجاني.
وتابع قائلا “لذا من باب أولى أن نجلس أخيرا للتفاوض بالرغم من كل هذه الخسارات وأن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا”.
وأشار قمر الدين في حديثه أن حكومة بورتسودان تخاطب العالم بلغة لا يفهمها على الاطلاق، هي لغة خاصة بنا وغير مدعومة بأي من العناصر التي تبرر الدعاوي التي نطلقها.
وأضاف أنه “على سبيل المثال، تطالب حكومة بورتسودان المجتمع الدولي بتصنيف الدعـ.م السـ.ريع كمنظمة إرهـ.ابية، وهي دعوة قد يشاركها فيها آخرين. لكن أين هي الوسائل التي تستخدمها لدفع المجتمع الدولي لتبني هذه الخطوة”.
السواقة بالخلا
وشدد وزير الخارجية الأسبق على أن واحدة من هذه الوسائل هي التحقيق، لذا عندما يرسل لك المجتمع الدولي لجنة تحقيق، لكنك ترفضها لأن لديك أشياء خاصة بك تريد أن تخفيها، فكيف تنتظر من المجتمع الدولي أن يصنف الدعـ.م السـ.ريع كمنظمة إرهـ ـابية.
وأضاف “حكومة بورتسودان لا تستند في مطالباتها للوقائع، بل تردد كالببغاء ما يقال في نزاعات أخرى”.
وربط ذلك بضعف مستوى الدبلوماسية وكيف يعمل المجتمع الدولي وأن الدول عندما تتحرك في الفضاء العالمي تتحرك كتجمعات وبطريقة مختلفة تعتمد على قوانين مختلفة وتوجهات مختلفة ووجهات نظر مختلفة تستند إلى التحليل والأرقام، وهي أشياء لا تأتي من فراغ ولا بالشعارات والهوس الذي نمارسه داخليا حتى نقنع مجتمعنا الداخلي “ونسوقه بالخلا” كما يقول رواد مواقع التواصل الاجتماعي.