رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

الاقتصاد والسياسة أصلا كان يسمى الاقتصاد بالاقتصاد

: كمال كرار
السياسي،للارتباط الوثيق بين الكلمتين، بحيث لا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى .وكم عبثت السياسة بالاقتصاد في بلادنا، بحيث وصل الحال إلى ما نحن عليه الآن .. الدولة غنية الامكانات والموارد في طليعة الدول الفقيرة .ومقياس الدول الفقيرة تلك التي غالبية سكانها لا يجدون قوت يومهم الضروري .. أين تذهب تلك القناطير المقنطرة من الأموال التي يعبر عنها ما يسمى بالناتج المحلي الاجمالي ؟ هذا السؤال يفسر ما ظلت تفعله السياسة بالاقتصاد طيلة عقود طويلة .وبصراحة فان كل الحكومات حتى اليوم عسكرية أم مدنية ظلت تمثل وتحمي مصالح البرجوازية السودانية طفيلية أم غير ذلك.وللمفارقة فان الثورات يشعلها الفقراء، وتحمل أمانيهم في تعديل الأوضاع البائسة، ولكن يبقى الحال كما هو بعد الثورة، التي تغير نظام الحكم شكلا وليس فعلا .والاقتصاد لا يتعلق فقط بالموازنة العامة، والقرارات التي تنتج عنها مثل رفع الدعم أو زيادة الضرائب .. فالاقتصاد يشمل فيما يشمل تفكيك بنية النظام البائد، بحيث لا يمكن للثورة المضادة أن تتسلل وتعيق وتجهض الثورة، ويشمل كذلك إعادة بناء الدور الوظيفي للمنظومات الأمنية بتجريدها من النفوذ الاقتصادي وبالتالي قطع الطريق على الانقلابات العسكرية،والاقتصاد يعني الموقف الفاصل بين نجاح الثورة فعلا أم تغيير الأشخاص وبقاء بنية النظام القديم .. والاقتصاد يعني إعادة توزيع الثروة لصالح الفقراء .. بما يشمل أيضا التنمية المتوازنة وتوسيع قاعدة التعليم والصحة وتحقيق مجانيتهما .. ولكن وبصريح العبارة وخلال السنوات الست المنصرمة، ظل على رأس وزارة المالية عتاة ممثلي البرجوازية،يأخذون الآن المال من الفقراء لتمويل الحرب .وكيف ؟ على سبيل المثال ميزانية هذا العام ٢٠٢٥، لم تعلن تقديراتها ولا مصادر تمويلها أو بنود نفقاتها.. ولكن كان مفهوما أن معظم الانفاق سيكون موجها للحرب .. فماذا حدث ؟ رفعت الرسوم الجمركية على السلع وزادت سعر الكهرباء بأضعاف السعر السابق.. وهكذا يتحمل الفقراء مسؤولية تمويل الحرب .. حيث سيدفعون أموالا إضافية لشراء السلع التي زادت أسعارها بسبب رفع الجمارك، وسيدفعون أكثر لشراء الكهرباء بالسعر الجديد .. أما الأثرياء أصحاب المصانع والموردون فهم لا يتأثرون بما يجري لأن كل الزيادات التي فرضتها وزارة المالية جرى تضمينها في سعر السلع التي ينتجونها او يستوردونها ..وبالتالي فلم يخسروا شيئا .. بل علي العكس تزداد أرباحهم .وقس على ما يجري الآن ما يحاك في الظلام من ترتيبات لتصفية مشروع الجزيرة وتسليمه تسليم مفتاح للطفيلية .. وكذلك ما يجري تحت الطاولة لخصخصة الموانئ.. وبينما لا يجد المعلمون أجورهم على سبيل المثال تتم ترقية ٦٤ سفيرا ومنحت امتيازاتهم ومتاخراتهم على داير المليم .. ولماذا السفراء وليس الاطباء أو الممرضين أو العمال ممن لم يصرفوا مرتباتهم طيلة السنتين الماضيتين !! الجواب واضح .. والخلاصة أن الثورة إن لم تدخل من باب الاقتصاد فعليها السلام، وإن جلس البرجوازيون ذوو الجلود الناعمة على سدة الاقتصاد سيواصلون سرقة الفقراء ونهبهم .. وإن جلس العسكر في مقاعد الاقتصاد فان النتيجة كارثية .. ولو كانوا حملة دكتوراه فخرية أو شهادات مضروبة .وأي كوز مالو ؟

زر الذهاب إلى الأعلى