رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الرياضة

سمر نصار: قيادة استثنائية تضع الأردن على خريطة كأس العالم

* روما، رضوان علي الحسن
في لحظة تاريخية ستُحفر في ذاكرة الأمة، يرفرف علم الأردن عالياً في محفل كرة القدم الأعظم: كأس العالم FIFA. هذا الإنجاز المُعجز، الذي كان حلماً بعيد المنال، تحول إلى حقيقة ملموسة بفضل رؤية قيادية استثنائية تجسدت في الأمين العام للاتحاد الأردني لكرة القدم، **سمر نصار**. مسيرتها هي نموذج فريد للعزيمة، والكفاءة، والقيادة الحكيمة التي حولت التحديات إلى فرص، ووضعت الأردن على الخريطة الكروية العالمية.
**جسر بين العلم والرياضة: أساس متين للنجاح**
لم تأتِ قيادة نصار من فراغ. فهي تحمل ترسانة معرفية وعملية نادرة:
* **بطلة أولمبية:** شاركت كسباحة في أولمبياد سيدني 2000 (ممثلةً فلسطين) وأثينا 2004 (ممثلةً الأردن)، قائدة للمنتخب الوطني للسباحة لـ 14 عاماً، وخبرة عميقة بمعاناة اللاعب وطموحه.
* **مؤهلات أكاديمية رفيعة:** بكالوريوس في البيولوجيا الجزيئية وعلم الوراثة من جامعة سري، وماجستير في الإدارة الرياضية التنظيمية من جامعة لوفان الكاثوليكية، مما منحها أدوات علمية لفهم تعقيدات المنظومة الرياضية وإدارتها باحترافية.
**قرارات شجاعة: المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار**
عندما تولت نصار مهامها، أثبت أنها قائدة لا تهاب سوى الفشل. اتخذت قرارات مصيرية، واجهت فيها انتقادات لاذعة، لكن إيمانها العميق برؤيتها كان دليلها:
* **التغيير الجذري:** قرار إقالة المدرب عدنان حمد وتعيين حسين عموته كان نقطة تحول جريئة، اعتمدت على دراسة دقيقة وثقة بقدرات الفريق الفني الجديد، هدفها الوحيد كان مصلحة المنتخب والوصول به لأعلى المستويات. وبعد رحيل عموته اعتقد الكثيرون بأن رحيله سينعكس سلبيا على المنتخب فكانت الإدارة الحكيمة باختيار المدرب جمال سلامي
* **النتائج تتحدث:** لم تكن الصدفة وراء وصول “النشامى” لنهائي كأس آسيا 2023 لأول مرة في التاريخ، ولا تألقه المستمر في التصفيات الصعبة المؤهلة للمونديال. كما أن وصول أندية مثل الحسين والوحدات إلى أدوار متقدمة في البطولات القارية هو ثمرة التخطيط الاستراتيجي ودعم الاتحاد الذي تقوده.
**بناء المنظومة: رؤية شاملة تتجاوز المنتخب**
فهمت نصار أن تأهل المنتخب ليس غاية بحد ذاته، بل نتيجة لنهضة شاملة:
* **الدوري الأردني نموذجاً:** حولت الدوري المحلي، رغم محدودية الإمكانيات المالية، إلى نموذج يُحتذى في الإدارة والتنظيم والاحترافية، مما انعكس إيجاباً على أداء الأندية واللاعبين.
* **الاستثمار في الأساسيات:** حرصت على تطوير البنية التحتية واللوجستية، وتعزيز ثقافة الاحترافية في جميع مفاصل كرة القدم الأردنية، من الإدارة إلى الملاعب.
**قيادة على جميع المستويات: بصمة عربية ودولية**
تتجاوز إسهامات نصار حدود الاتحاد الأردني، فهي:
* رئيسة اللجنة المنظمة لبطولة كأس العرب للسيدات 2021.
* رئيسة لجنة السباحة عالية الأداء في اللجنة الأولمبية الأردنية وعضوة لجنة الرياضيين فيها.
* عضوة مجلس إدارة الاتحاد العربي لكرة القدم.
* عضوة مجلس إدارة المدرسة الأهلية ومطران، والمنتدى الدولي للمرأة فرع الأردن، وهيئة أجيال السلام.
* خبرة 20 عاماً شملت رئاسة اللجان المنظمة لبطولات عالمية (كأس العالم للسيدات تحت 17 سنة) وإدارة بعثة الأردن في أولمبياد لندن 2012.
**التأهل: بداية المشوار وثمرة الإصرار**
في تصريحاتها عقب التأهل التاريخي، أكدت نصار أن هذا الإنجاز هو **”هدية الأبطال للوطن والشعب”**، ووصفته بـ **”الإنجاز التاريخي”**. لكنها، بحسها القيادي، نظرت إلى الأمام: **”التأهل هو بداية مرحلة جديدة لكرة القدم الأردنية”**، مشيدة بـ **”اللاعبين الذين كانوا على قدر المسؤولية، والكادر الفني المحترف، والفريق الإداري المتكامل، والجمهور الواعي والمساند”**، ومؤكدة سير الاتحاد بثبات وفق **”خطط ثابتة لتطوير كافة المنتخبات والمنظومة الكروية”**.
**ختاماً:**
سمر نصار ليست مجرد مسؤولة رياضية؛ هي رمز للقيادة النسائية العربية الملهمة، التي جمعت بين الذكاء الاستراتيجي والشجاعة في اتخاذ القرار، والعلم والعمل، والشغف لخدمة وطنها. بإصرارها وتفانيها وبرؤيتها الثاقبة، قادت سفينة كرة القدم الأردنية إلى بر الأمان في المونديال، محققة حلماً جماعياً وكاتبةً فصلاً مشرقاً في تاريخ الرياضة الأردنية. تأهل المنتخب هو تتويج لمسيرة قيادة استثنائية تُثبت أن الإرادة والعمل الجاد قادران على صنع المعجزات، وأن “سمر نصار” اسم سيرتبط للأبد بأعظم إنجاز كروي في تاريخ الأردن.

زر الذهاب إلى الأعلى