رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأخبار

ليبيا تؤكد توثيق اعتــ.ــداءات القوة المشتركة المسبقة

أعلنت “قوات الدعم السريع” عن استكمال سيطرتها على الجزء السوداني من المثلث الحدودي الذي يربط بين “السودان وليبيا ومصر” في منطقة جبل العوينات. وفي الوقت نفسه، ذكر الجيش السوداني أنه “أخلى” قواته من المنطقة كجزء من ترتيبات دفاعية “لصد العدوان”. جاء ذلك بعدما اتهم الجيش السوداني قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر بالاعتداء على قواته داخل الأراضي السودانية بالتنسيق مع “قوات الدعم السريع”، وهو ما نفاه الجيش الليبي واعتبره تصديراً للأزمة الداخلية السودانية إلى الخارج.

أفاد المتحدث الرسمي باسم “قوات الدعم السريع” في بيان صدر يوم الأربعاء، بأن قواته استطاعت “تحرير” منطقة استراتيجية على الجانب السوداني من المثلث الحدودي، واعتبر هذه العملية “خطوة نوعية ستؤثر على مسارات القتال المختلفة، خصوصًا في الصحراء الشمالية”.

وأضاف أنه “هذا الانتصار يساهم في محاربة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر على الحدود السودانية”، موضحاً أن “قوات الدعم السريع” خاضت معارك “سريعة وحاسمة” ضد ما أطلق عليه “ميليشيات الارتزاق وكتائب الإرهاب”، مما أدى إلى “تقهقرها” وهروبها إلى الجنوب، بعد أن تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وفقدت عشرات من المركبات القتالية.

اعتبر بيان “الدعم السريع” انفتاح قواته على محور الصحراء الشمالية “تحولاً استراتيجياً من أجل تأمين حدود البلاد”، مشيراً إلى أن “قوات الدعم السريع” تواصل بحزم ومسؤولية في معركتها الوطنية الكبرى لحماية حدود السودان، ومنع تحويلها إلى ساحة للفوضى التي يسببها المرتزقة وميليشيات الحركة الإسلامية الإرهابية، التي تهدف إلى توسيع رقعة الاقتتال وتهديد الأمن الإقليمي.

الجيش يخلي المنطقة

في بيان مختصر، أعلن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية أن قواته قامت بإخلاء منطقة المثلث كجزء من الترتيبات الدفاعية للتصدي للعدوان. وقال في البيان: “أخلت قواتنا اليوم (الأربعاء) منطقة المثلث التي تطل على الحدود بين السودان ومصر وليبيا”.

اتهم الجيش السوداني، يوم الثلاثاء، كتيبة “السلفية” التابعة للجيش الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر، بالقتال إلى جانب “قوات الدعم السريع” في النزاع، معتبراً ذلك “تدخلاً سافراً في الشأن السوداني”. من جهته، رد الجيش الليبي في بيان على هذه الاتهامات، واصفاً إياها بأنها “محاولة واضحة لتصدير الأزمة الداخلية السودانية وخلق عدو خارجي وهمي”. وأضاف الجيش الليبي أنه يراقب بقلق تكرار اعتداءات القوات المسلحة السودانية على الحدود الليبية في الآونة الأخيرة، مفضلاً معالجة هذه الأمور بهدوء من أجل الحفاظ على علاقات حسن الجوار، مع احتفاظه بـ”حق الرد على أي خرق”. وأوضح البيان أنه رصد اعتداءً من قوة تابعة للقوات المسلحة السودانية على دورية عسكرية له خلال تأمينها للحدود الليبية.

في بيان آخر، اعتبرت وزارة الخارجية السودانية مشاركة قوات حفتر مع “قوات الدعم السريع” في السيطرة على المثلث الحدودي “اعتداءً سافراً على سيادة السودان وتهديداً جسيماً للأمن الإقليمي والدولي”. وأكدت الخارجية السودانية أن السودان يحتفظ بحقه المشروع في اتخاذ ما يلزم لحماية سيادته وحدوده وأمنه وسلامة مواطنيه، مشيرة إلى أن التدخل يعد تصعيداً خطيراً واعتداءً خارجياً على السودان، يكشف حجم التهديد الجسيم للأمن والاستقرار الإقليميين. وأوضحت الخارجية أن الحدود مع ليبيا كانت دائماً معبراً رئيسياً للأسلحة والمرتزقة لدعم “الميليشيا الإرهابية” التي تشير بها إلى “قوات الدعم السريع”، بواسطة قوات الجنرال خليفة حفتر، مشيرة إلى أنها اضطرت للتدخل مباشرة بعد الهزائم التي تعرضت لها “قوات الدعم”، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وكل الأعراف والمعاهدات الدولية.

مع استيلاء “الدعم السريع” على الجانب السوداني من المثلث الحدودي المشترك، اقتربت قواته من الحدود المصرية وأحكمت السيطرة على حدود السودان مع “ليبيا، تشاد، إفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، بالإضافة إلى جزء من الحدود مع إثيوبيا التي تسيطر عليها قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جوزيف تكة، المرتبطة بـ(الدعم السريع)”. وتكتسب منطقة “المثلث” اسمها من كونها “مثلثاً جغرافياً” تتشارك فيه حدود السودان ومصر وليبيا، قرب جبل “عوينات” الشهير. وتُعد هذه المنطقة نقطة تداخل سكاني بين البلدان الثلاثة، ورغم طبيعتها الصحراوية القاسية، إلا أنها شهدت عمليات الهجرة غير الشرعية عبر ليبيا إلى أوروبا.

أهمية المثلث

يقع جبل عوينات في المنطقة الحدودية التي تربط بين السودان ومصر وليبيا، حيث يصل ارتفاع أعلى قممه إلى 1900 متر، ويقع معظم هذا الجبل داخل الحدود الليبية.

بالإضافة إلى أهميته الجغرافية، يحتوي على جداريات أثرية تعود للعصور ما قبل التاريخ. كما شهد في الآونة الأخيرة نشاطات تجارية، بما في ذلك تجارة الذهب الموجود في الصحاري المشتركة، فضلاً عن كونه منطقة تستخدم في تهريب المهاجرين غير الشرعيين.

قبل بدء الحرب، كانت “قوات الدعم السريع” تعمل على تأمين المنطقة ضد الهجرة غير القانونية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، وذلك في إطار ما يُعرف بـ “عملية الخرطوم”. ولكن بعد اندلاع الحرب، انسحب الاتحاد الأوروبي من المنطقة، وسيطرت القوات المشتركة التابعة لحركات الكفاح المسلح، المتحالفة مع القوات المسلحة السودانية، إلى جانب وحدة صغيرة من الجيش.

قال اللواء المتقاعد من الجيش السوداني، أمين مجذوب، لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات حفتر تدخلت في الشأن السوداني» وأن الهجوم الذي استهدف المنطقة تم بالتنسيق مع «قوات الدعم السريع»؛ لإشغال الجيش السوداني عن «تحقيق انتصارات في مناطق كردفان». وأفاد بأن الهدف من الهجوم هو تهديد الولاية الشمالية، وخاصة منطقة «الدبة» التي تعرضت للهجوم بواسطة الطائرات المسيّرة يوم الثلاثاء، وتابع: «هذا تطور جديد يجب على القوات المسلحة أن تأخذه بعين الاعتبار؛ حتى لا تفتح جبهة جديدة تؤثر على الحدود مع مصر، وتلهي الجيش عن أهدافه في صد العدوان»، وأضاف: «ما قامت به قوات حفتر و(الدعم السريع) يهدف إلى إشعال المنطقة بأكملها».

نقلت قناة “العربية الحدث” عن الباحث السياسي الليبي الدكتور فرح زيدان اتهامه للجيش السوداني بإقامة علاقة مع الجماعة الإسلامية الليبية، حيث قال: “علاقة قادة الجيش السوداني بقادة الجماعة الإسلامية في ليبيا معروفة”.

وأوضح زيدان أن فصائل القوات المشتركة التابعة للجيش السوداني بدأت الهجوم على وحدات الجيش الليبي، مشيرًا إلى أن تلك الهجمات “موثقة”. كما تساءل: “كيف يمكن للجيش الليبي دعم (قوات الدعم السريع) بالسلاح بينما تسيطر الفصائل المسلحة الموالية للجيش السوداني على المنطقة الحدودية؟”.

واتهم زيدان الجيش السوداني بمحاولة شغل وتشتيت الجيش الليبي لصالح حليفته حكومة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، ونفى بشدة مزاعم الجانب السوداني بشأن اختراق كتيبة “سبل السلام” التابعة للجيش الليبي للحدود السودانية.

زر الذهاب إلى الأعلى