
تفاقمت معاناة مئات الأسر السودانية اللاجئة في مدينة سبها جنوب ليبيا بعد أن أقدمت السلطات المحلية على إزالة وتدمير المخيمات التي كانت تأويهم، ضمن حملة رسمية قالت إنها تهدف إلى مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية وإزالة العشوائيات. وبينما تتصاعد نداءات الاستغاثة، لا تزال الأسر المطرودة تواجه مصيراً مجهولاً في العراء، وسط ظروف إنسانية شديدة القسوة.
بحسب حقوقيين ليبيين، فإن لجنة إعادة تنظيم الجنوب التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، نفذت عملية إخلاء قسري للمخيمات التي كان يسكنها اللاجئون السودانيون في سبها، تخللها حرق المساكن والخيام، دون أي توفير لبدائل سكنية أو مساعدات إنسانية. وقد أدى ذلك إلى تشريد مئات العائلات، أغلبهم من النساء والأطفال، مما أثار موجة استنكار واسعة.
الناشط الحقوقي طارق لملوم، المعروف باهتمامه بملف الهجرة، أدان الطريقة التي تم بها تنفيذ الإخلاء، واصفاً ما قامت به رئاسة جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية واللجنة التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الشرق بأنه “أمر معيب ومخالف لكل القيم”.
وقال لملوم في بيان رسمي: “مصير أكثر من 400 عائلة سودانية أصبح مهدداً بالخطر بعد أن تم طردهم إلى الشوارع دون إيجاد أي بديل أو توفير أي شكل من أشكال الحماية”.
مقاطع فيديو نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت مئات اللاجئين السودانيين وهم يحملون حقائبهم وأغراضهم، متناثرين في شوارع مدينة سبها دون مأوى أو مأكل أو مشرب. وقد وثّقت المقاطع مشاهد النيران المشتعلة في المخيمات بعد حرقها، بينما فر بعض اللاجئين إلى المناطق البرية والمدن المجاورة.
أطلق لاجئون ومتطوعون نداءات عاجلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، طالبوا فيها المنظمات الدولية والإنسانية بالتدخل السريع لإنقاذ الأسر المشردة، وتوفير مأوى آمن لهم، وتقديم المساعدات الغذائية والطبية العاجلة، في ظل تجاهل السلطات الليبية لتبعات القرار.
جاءت عملية إخلاء وتدمير المخيمات ضمن حملة أوسع أطلقتها لجنة إعادة تنظيم الجنوب لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وفق ما أعلنته السلطات الليبية، بهدف إزالة العشوائيات وتحسين النظافة العامة وتنظيم الأحياء، دون مراعاة للأوضاع الإنسانية للمتضررين.
منذ اندلاع النزاع في السودان في عام 2023، فرّ آلاف المواطنين إلى دول الجوار، وعلى رأسها ليبيا، التي تعتبر من أهم المعابر نحو أوروبا، نظرًا لقربها الجغرافي من الحدود السودانية وموقعها ضمن مسارات الهجرة غير النظامية.
أشارت التقديرات الليبية إلى دخول أكثر من 1000 لاجئ سوداني يومياً إلى أراضيها، بينما كشفت بيانات المنظمة الدولية للهجرة أن السودانيين يشكلون نحو 18% من إجمالي المهاجرين في ليبيا، وهو رقم يعكس حجم الأزمة المتفاقمة على الأراضي الليبية