الأعمدة

رؤى متجددة / أبشر رفاي : أين الحقيقة القضارف قضفت ضيوفها ولا الضيوف تقضف

????في ثقافة الوسط الشعبي الضيوف خشم بيوت والمستضيفين كذلك ، سنقص عليكم قصصهم الضيف تلو الضيف والمستضيف تلو المستضيف ، ثم نقيف على تجربة ولاية القضارف مهد التنوع والتمازح الإجتماعي القومي مركز الأمن الغذائى الإنساني التاريخي في بالبلاد .
في ثقافة الوسط الشعبي يقال الضيف بيجي برزقو وليس خصما على رزق أحد بما في ذلك المستضيف ولكن هذه النقطة شرطية تتطلب درجة عالية من اليقين والإيمان بأن الأرزاق بيد الله ( وفي السماء رزقكم وماتوعدون ) .
في الارياف والبوادي هناك نجمة تسمى نجمة الضيف نجمة تظهر عند صدر العشاء سميت بنجمة الضيف لإرتباطها بإحتمالية مجيئ الضيف والضيوف في هذا التوقيت وبالتالي التحسب لخدماتهم وضيافتهم ، فإذا غابت نجمة الضيف هناك ثلاث إحتمالات عدم ظهور اي ضيف محتمل ، خلود أصحاب الديار للنوم ، ثالثا قناعة الضيف والضيوف بأن توقيت وصولهم بعد مغيب النجمة لا يلزم أهل الديار بالقيام بأي واجب ومن واجبات الضيافة من المستوى الثالث الأكل بالذات ، فالمسألة تكون مختصرة فقط في المستوى الأول من مراسم وتقاليد الضيافة الترحاب وحسن الإستقبال وتقديم ماتيسر وهنا الجود بالموجود بما في ذلك مكان المبيت .
لم يشذ عن هذه القاعدة العرفية إلا ثلاثة أنواع من الضيوف ضيف أحد أعمامنا الذي فاجئه يصراحته الشديدة ، وضيف جبير ، وضيف وجبة البطيخ وضيف مابي ضيف وسيد البيت مابيهم الإثنين . اما قصة ضيف عمنا الذي نزل به بعد مغيب نجمة الضيف ، بعد حسن الإستقبال وإنزاله في الخلوة ( الديوان ) طلب من زوجته بتدبير عشاء ، دخلت الحاجة التكل (المطبخ ) فلم تجد سوى حتة لقمة عصيدة بباقي ملاح ام بقبق ( المفروكة ) قال عمنا للضيف وبالمناسبة القصة حقيقة قال له تفضل الله يكرمك ، غسل الضيف رؤوس أصابعه بعد أن نظر إلى الماعون من كل أبعاد وعمقه ، وقبل أن يتمكن الضيف من أخذ لقمة لقمتين فإذا بضيف آخر نزل للتو . بعد الإستقبال طلب العم من الضيف الجديد ان يدخل يده من باب البركة مع الضيف القديم ، فإذا بالمفاجئة بأن الضيف القديم قالها بكل صراحة ووضوح لعمنا ، هذا العشا لا يتحمل نفرين ، فأقتنع الضيف الجديد بقوة عين الضيف القديم ، فأخرج من جرابه كمية من الزوادة السفرية ومن سعنه عسل ولبن يعنى رحمة لم تكن اصلا عند عمنا ففي هذه الحالة يقول أهلنا ( إنفضح الموت وربى الأتيم ) .
أما قصة ضيف جبير وهي قصة حكاها لنا عمنا المرحوم احمد جبير مختار أحد أظرف وأطرف أئمة أم بدة من أهالي ولاية النيل الأبيض أو سنار أهلنا الهبانية الأنصار ، قال ان ضيفا نزل في جماعة متكافلة لها ضرا عريض ، وعندما حان وقت الغذاء بدأت القدحان القدحات تخرج من إتجاهات مختلفة وصاحبنا التضيف يرصد الإتجاهات والعدد بدقة ، فجأة طلب كبير الضرا بأن يغسل للضيف للأكل ، فإذا بالضيف يفاجئ الجميع بالقول أذا كان صاحب الباب ( اللخيضر داك ) تابع ليكم لسع قدحو ما طلع . ومن يومها إطلقنا مع المهندس محمد طه فضل البشاري في بداية التسعينيات لقب ضيف جبير لذلك الضيف الخطير .
أما ضيف وجبة البطيخ بشمال كردفان يقال بأن ضيوفا نزولوا فجأة في رجل كربم والدنيا ليل صادف في تلك الليلة ماعندو إلا لقمة صغيرة وكمية ضخمة من بطيخ الموسم الكردفاني العسالى الرويان ، فقرر صاحب المنزل بأن يعالج فجوة نقص الطعام بذكاء معين ، طلب من إحد أبنائه بأن يقدم للضيوف كمية من البطيخ وبعدها يقدم اللقمة البسيطة ، فمن المعروف الذي يأكل كمية كبيرة من البطيخ العسل الرويان على طريقة ( النخر الربرب ) لا يستطيع أن يأكل كثيرا وبالفعل مضت الفكرة في الجميع عدا كبير القوم لم يلتهم البطيخ بالطريقة التي توقعها صاحب المنزل ، وعندما رفع الأبن التقرير النهائى للأب لتقديم اللقمة قال الكل وقف لمبة شبع للنهاية عدا ( التلبه أبيه ) وهذا تعبير كردفاني يقصد به الرجل الكبير الكاقور بيت الرأى ، والتلبه والتلب والتلب اللزوم عبارة تطلق لعاتي الألبل والجمال وليس عاصيها ( الهادر وأبو حدارة ) .
أما قصة ضيف مابي أو ميابي ضيف وسيد البيت مابيهم الإثنين فهذه قصتها واضحة . أما عن المستضيفين فهم كما أشرنا أيضا خشم بيوت ، منهم المضيف المباشر ، والمباشر ثم لاحقا لسبب أو آخر يتحول إلى مكاشر ، وآخر مكاشر بطبعه فهذا النوع من المضيفين في الثقافة المحلية يقال له خلا الله ولا بيتك هما سيان مع الرفقة السيئة حيث يقال عنها الخلا ولا الرفيق الفسل . من طرائف النزوح والإستضافات قريبتي نزحت لبعض الولايات وفجأة ( وج ) قبلت لبيتها وحينما سألوها عن الحاصل شنو قالت بالحرف الواحد ( هاي أنقرع القناص ولا بيوت الناس ) .
بالمناسبة المرأة الفسلة البخيلة أردأ بكثير من الرجل الذي يحمل ذات الصفات ، ولذلك يقال ( الراجل برجالو والكريم بأم عيالو ) . المرأة ممكن تظهر شهامتك وكرمك وممكن تظهرك بمظهر البخيل الدود ( الأسد )
ولاية القضارف وإنسانها الأنموذج عرف بأنه من ابرز المجتمعات السودانية فوزا بجائزة الإنتصار على الحواجز والهواجز المجتمعية التقليدية كالجهوية والقبلية والعرقية والعنصرية ونظرية النقاء العرقي والجنس الآري محققا أعلى درجات الأنصهار وفلسفة إدارة التنوع وبستنة العلاقات المجتمعية والإنسانية حتى صار من المجتمعات السودانية النموذجية التي يشار إليها بالإبهام والبنان . وقد تلاحظ في هذا الصدد بأن كثير من الناس الذين خرجوا من ديارهم من مناطق السودان المختلفة بل بعضهم من خارج السودان ممن عاشوا وسط مجتمع القضارف ، لم يعودوا إلى مناطقهم مرة أخرى فتقضرفوا حتى النهاية فصاروا من ناس القضارف ، فكاتب الرؤى أيام الجامعة كان قاب قوسين أو أدنى من سدرة منتهى سمسم القضارف وربك عارف ..
ولاية القضارف وأهلها الكرام حينما وقعت فتنة الحرب اللعين الهجين كانت ولازالت في مقدمة الولايات التي فتحت قلبها للمستضافين من مناطق الصراع إستضافة مبرورة لوجة الله لم يتبعها أذى ، وقد رصدنا ذلك من خلال حديث وتعليقات ولسان حال شكر المستضافين الذين وجدوا أنفسهم في القلوب والنفوس والعيون ومطارح الألسن والجبين ، وجدوها قبل مقرات الأعيان المدنية والأهلية وغيرها من الإتاحات والمساحات التي أوقفت لخدمة المستضافين .
ولكن كما يقول أهلنا الطول فين الهول إن طول الأزمة الإنسانية والإجتماعية وعلاقتها بالمجتمعات المضيفة والمستضافة بالولايات والمعابر وحيث اللجوء بدأت تظهر بعض السلبيات والتي أذا لم يتم تداركها مبكرا تنتقل إلى مربعات المن والأذي والشماتة ( وتنقي ) البيض ومطاولة الشلاليف ومص العرديب وخلافها من أدوات رجم وردم الوجه الآخر للإنسان بطبعه ( وش) المرفعين أبوسفيفة والمرفعبن البلتو وأنثى المرفعين ( الكرانج ) .
ولاة الولايات عموما ومن بينهم والي ولاية القضارف المكلف الأداري الضليع محمد عبد الرحمن والذي لم تربطنا به اي معرفة حتى اللحظة إلا من خلال متابعة أدائه عبر وسائل الأعلام فهؤلاء الولاة مهما يقال عنهم هم في النهاية قد أدوا واجب التكليف في حدوده وحدود سعة الأنفس وبالتالي ينبغي أن يجدوا من الجميع واجب الشكر والتقدير والإحترام ولنا إن شاء الله وقفات معهم ولاية ولاية .
تميز والي القضارف كما أشرنا بالعمل الديواني المثمر الذي من ثمراته الرضا الإداري والوظيفي فضلا عن كمية الورش التشخيصية المتخصصة . ومن خلال العمل الميداني الأنسيابي الذي من صوره خطاب الإستجابة والإجابة الميدانية لقضايا المواطنين ، وهو بذلك يحقق اهم شروط مفهوم تقصير الظل الإداري ظل المسئولية العامة في أكثر من إتجاه ومجال ، نجده في قمة التفاعل والانسجام مع قضية الجماهير الأولي عبر فعاليات معركة الكرامة بقيادة الزعيم إبن الولاية البار الاستاذ الزعيم كرم الله عباس ، وفي مجال الإسناد الإنتاجي وهو رئيس اللجنة العليا للموسم الزراعي ، وهي لجنة إستراتيجية مهمة من حيث المهام والتوقيت في الأزمة الراهنة .
اليوم كل هذه الأشياء الجميلة عن القضارف واهلها وواليها باتت مهددة ببعض الممارسات والأعمال التي من شأنها الإساءة البالغة للولاية مثل الحديث الذي راج وسط وسائل التواصل الإجتماعي عن محاولات الإساءة للمستضافين بالطرد والضرب واخراجهم بالقوة الجبرية ، عن أماكن إستضافتهم دون إيجاد البديل ، نحن لا ندري مدى صحة ودقة هذا الحديث الذي يتطلب تفنيده بواسطة سلطات وأجهزة الولاية ، فالكل هنا يقر بأنه ينبغي أن تجرى معادلة لإيجاد معالجة لإختلال ميزان مدفوعات قضايا مواطني الولاية والسادة المستضافين بالولاية بما يضمن حقوق الجميع بعدالة تامة دون تعطيل لدولاب أي جهة ، لأن في حال حدوث ذلك سيؤثر في إجمالي الناتج الكلي لإداء الولاية بصراحة .
وعلى خلفية إثارة البلابل والقلاقل لاحظت الرؤى المتجددة من مدة هناك جهات تتحين الفرص ( من منطلق السارح بيك مابودرك ) بإثارة البلابل والقلاقل والفتن بالولايات مثلما فعلت ذلك بالضبط بولاية الخرطوم الجريحة ، وذلك بأستخدام أكثر من قناع وكدمول لضرب مستوي الإستقرار النسبي الذي حققته الولايات في ظل الأزمة ، وفي سبيل الوصول إلى تلك الغاية تتبع أكثر من خطة وإستراتيجية منها تصدير المشكلات والفتن للولايات المحددة ، وبإستغلال نقاط الضعف وبؤر الخلافات السياسية والإجتماعية وكذلك المهددات المحيطة والكامنة بالولاية المحددة وغيرها .
وقد ظهر ذلك في ولاية النيل الأبيض كوستي وشمال وجنوب كردفان والجزيرة وسنار والنيل الازرق والقضارف وكسلا والبحر الأحمر ونهر النيل وغرب كردفان والشمالية ومن قبل الخرطوم قبل الأزمة وفي ظلها أما ولايات دارفور فحدث ولا حرج والجواب يكفيه عنوانه . فالإنتباهة والحذر الشديد واجب ، وتطوير الإيجابيات نحول الأفضل والسلبيات ومخاطرها إلى فرص يستفاد منها هو من أوجب الواجبات وأساسيات نجاح المرحلة مرحلة إدارة الأزمة وإنعاشها المبكر فهل أنتم منتبهون ….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى