الأعمدة

أضحك مع عمرو موسى!

شوفي حضرتك لما قولتي اسم توني بلير، اسمه قوبل بالضحك من القاعة التي بها الكثير، وأنا لو قابلت بلير هقوله لما المصريين سمعوا عن طرح اسمك للمفاوضات ضحكوا”

بالطبع لم يقصد السيد عمرو موسى الاستهزاء من “شخص” رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ،  خلال اللقاء المفتوح الذي عقده بالجامعة الأمريكية مؤخرا ، حول مستقبل القضية الفلسطينية ما بعد 7 أكتوبر ، والتسريبات الإسرائيلية عن إرسال توني بلير للتفاوض على إقامة دولتين ، إنما الاستهزاء من الفكرة في حد ذاتها لعدة اعتبارات :

1 ـ أصلا ، نتينياهو ومعه عصابة اليمين هناك ، نسفوا حل الدولتين ، بالإعلان جهارا نهارا ، وبالصواريخ صبحا وظهرا ومساء.

2 ـ موقف الإدارة الأمريكية من حل الدولتين ، كاذب وخادع ، يبدأ وينتهي عند ما تريده وتسعى إليه إسرائيل ، والشواهد والأدلة يعرفها ويحفظها عن ظهر قلب ، كل مواطن عربي ، لعل أكثرها فجاجة ، وقوعها تحت هيمنة اللوبي اليهودي بقيادة “إيباك ” ، الذي يقرر من هو الأمريكي الذي يخدم إسرائيل ويصلح أن يكون سيدا للبيت الأبيض . ومن المعلوم أن موسم الإنتخابات الرئاسية الأمريكية ، ليس أكثر من مزاد للجمهوريين والديمقراطيين على “حب” إسرائيل.

3ـ الخارجية الأمريكية أعلنت في فبراير 2023 أن حل الدولتين يبدو بعيدا، ولكن الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على الأمل.

4ـ التاريخ الأسود للإنجليز المعادي والكاره للعرب ، بدءا من وعد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق (1902 ـ 1905) آرثر جيمس بلفور العام 1917 الذي أعلن فيه عن دعم حكومته تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين ، وانتهاء بمواقفهم الموالية لإسرائبل في حرب غزة الجارية ، مرورا بحرب السويس وحرب 67 وغيرها من الأحداث والمواقف التي ألهبت ظهور العرب.

وفوق كل ذلك فإن السيرة الشخصية لتوني بلير تسحب منه أية مصداقية في ما يدعيه بكونه وسيطا محايدا في ملف الشرق الأوسط خاصة الصراع بين العرب وإسرائيل :

1ـ  كذب بشإن القدرات العسكرية للعراق ، وادعى أمام مجلس العموم البريطاني انها تمتلك أسلحة دمار شامل  ( أعتذر بعدها بسنوات عن كذبه) .

2ـ استغل توني بلير تعيينه مبعوثا للجنة الرباعية الدولية للشرق الأوسط (2007) ، في عقد ندوات مقابل أموال طائلة، حيث يعتبر أغنى رئيس وزراء سابق في بريطانيا، وذلك نتيجة إبرام الكثير من العقود مع مؤسسات عملاقة، مثل المؤسسة المالية “زيوريخ” وبنك “جي بي مورغان” وغيرها من المؤسسات الاقتصادية والفكرية العالمية.

3ـ على امتداد هذه السنوات أصبح توني بلير من أغلى المتحدثين في العالم، حيث يحصل على أكثر من نصف مليون جنيه إسترليني مقابل المحاضرة الواحدة ، وفقا لما ذكرته صحيفة “ذي صن” الإنجليزية والتي قدرت ثروته بنحو 100 مليون جنيه إسترليني، بعد تأسيسه لمؤسسة “توني بلير للتغيرات العالمية.

4 ـ في أواخر عام 2017، وعقب أغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي ، و”هيجان” ما يسمى بالعالم الحر على ولي العهد الشاب ، قامت مؤسسة “بلير للتغيير العالمي”، بعقد اتفاقية ، لم يُكشف عنها النقاب مسبقا، بإعارة موظفين للعمل في وزارة الإعلام والثقافة السعودية ، وكشفت صحيفة صنداي تلغراف البريطانية، إن رئيس الوزراء السابق، توني بلير، وقع صفقة مع المملكة بحوالي 12 مليون دولار لتقديم استشارات من أجل “تبييض” وجهها أمام العالم.

5 ـ لاحقت رئيس وزراء بريطانيا الأسبق شبهات فساد، حيث أجرت السلطات في عام 2021 تحقيقات موسعة مع منظمة خيرية للأطفال تديرها أسرة بلير، بتهم تزوير وإهدار مال عام وذلك بحسب تقرير نشرته صحيفة التايمز،  يتضمن إهدار أموال المتبرعين والتهرب من منح المساعدات المالية لأسر خسرت أطفالها بسبب انتشار العنف بين مراهقى بريطانيا خلال العقدين الماضيين

بالتاريخ البعيد والحديث ، تجد الإنجليز في خلفية  كل “مصيبة” تلحق بالعرب وبالفلسطينيين ، ومنذ تولى بلير موقع المبعوث الرسمي لما تم تسميته وقتها باللجنة الرباعية ، والمصائب تتوالى علينا .

صحيح أن مكتب توني بلير نفي التسريبات الإسرائيلية المتعلقة بتورطه في تهجير الفلسطينيين من غزة ، ونفى ما نقلته القناة 12 الإسرائيلية ، عن ترأسه طاقمًا ، يعمل على إقناع دول أوروبية باستقبال لاجئين من قطاع غزة ..وصحيح أن السلطة الفلسطينية في رام الله عبرت عن رفضها الشديد لأية محاولات مشبوهة لتكليف رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ، أو غيره ، بالعمل من أجل تهجير المواطنين الفلسطينيين من قطاع غزة، إلا أن خبرة البشرية تفيد أن “لا دخان بدون نار” ، وأن الزيارة التي قام بها بلير إلى تل أبيب منذ أسبوعين والتقى خلالها مع نتنياهو ، والوزير فى مجلس الحرب بينى جانتس فى اجتماعات لم يتم الكشف عنها بشكل رسمي ، تؤكد أن مؤسسة بلير للتغيير العالمي لن تكف عن مد يدها في “طبق” الشرق الأوسط ، خصوصا وأنها مدعومة من دول عربية نافذة مثل السعودية والبحرين والإمارات و.. ما خفى كان أعظم !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى