الأعمدة

الأمانة عند المرحوم ! .. ( موطئ قلم ) محمد عبد الله برقاوي .

في العشرية الأولى من عمر الانقاذ ..قام أحد كبار قادتها بتدشين مشروع بنية تحتية في واحدة من الولايات حيث قام المسئول المحلي فيها بحشد الجماهير التي خاطبها الضيف الكبير منتشيا بعد وضع حجر الأساس و طلب من الحشود والمؤسسات أن تدعم المشروع بما تجود به الايادي والجيوب .
وقبل أن يغادر الرجل المنطقة حتى انهالت التبرعات التي تسلمها المسئول المحلي صرة في خيط باعتباره رئيسا للجنة ذلك المشروع .
بعد فترة وعند الشروع في التنفيذ سئل المسئول المحلي عن تلك المبالغ ..فأجابهم بأنه سلمها لذلك القيادي الذي دشن المشروع ويمكنكم الذهاب إليه .
وطبعا لم يذهبوا حتى الان لأن ذلك القيادي ببساطة كان قد انتقل الى رحمة مولاه !
بالأمس فقط قضت المحكمة المختصة وبرأت بعض قيادات النظام السابق من تهمة بيع خط هيثرو الشهير لعدم ثبوت علاقتهم بالأمر ..وتأكد للقاضي أن الجهة التي تصرفت في ذلك الخط هي شركة الخطوط الجوية السودانية..
(سودان اير )
وليس أحد غيرها !
ولا اعتراض لنا بالطبع على ذلك الحكم ..لأن الأحكام القضائية تقوم على ثبوت البينات وكفاية الأدلة أو عدم ذلك وبشهادة الشهود او اعتراف المتهم ..بل ونحن نؤمن بالقاعدة التي تقول بأن براءة مائة مجرم دون حكم جائر ..افيد الف مرة من إدانة بري واحد بأدلة مزيفة ..لأن الأصل في العدالة هو انصاف كل الأطراف وليس البحث فقط عن التجريم .
ولكن مع تسليمنا بمقتضيات ذلك الحكم ..لكنه لا ينفي ثبات الواقعة في أن الخط قد تم بيعه فعلا في عهد الإنقاذ وقد كان أحد كبار قادتها في تلك الفترة رئيسا لمجلس إدارة الخطوط الجوية السودانية التي تشلعت راكوبتها عودا عودا في ظل رئاسته لها ..ولان الرجل قد أصبح في ذمة الله هو الآخر ..فكأن المطلوب الآن من الباحثين عن سر وملابسات. بيع ذلك الخط وتلك الحقيقة الغائبة في كومة قش الزمان الكيزاني أن يذهبوا لاسترداد الأمانة من ذلك المرحوم . ولكنهم لن يذهبوا طبعا .
ونعلم أيضا أن مهمة القاضي قد انتهت بتبرئة اولئك المتهمين وليس من اختصاصه قضائيا البحث في مسألة كيف نستعيد ذلك الخط ..لانه لن يعود ابدا !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى