رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

عمالقة القارات: الأهلي المصري وريال مدريد… قصة مجد ونفوذ وأساطير”

” بقلم : معاوية أبوالريش
يمثل نادي الأهلي المصري وريال مدريد الإسباني قمة الهرم الكروي في قارتيهما، فكلاهما يحمل لقب “نادي القرن” وكلاهما حفر اسمه بأحرف من ذهب في سجلات التاريخ الكروي العالمي. يسعى هذا المقال إلى إجراء مقارنة شاملة بين هذين العملاقين، متناولاً العديد من المحاور التي تجمع بينهما وتلك التي تفرقهما، لنكتشف سوياً أسرار تفوقهما على مر السنين.
” التأسيس والجذور التاريخية”
بدأت قصة ريال مدريد في عام 1902م على يد جوليان بلاسيوش، متقدماً بخمس سنوات على النادي الأهلي المصري الذي تأسس في عام 1907م بجهود مشتركة من الإنجليزي ميشيل إنس، وعمر لطفي بك، وأمين سامي باشا، وإدريس بك راغب. وبذلك، يكون كلا الناديين قد تجاوز قرناً من الزمان، مما يعكس عراقة تاريخهما وأصالة جذورهما.
ومنذ البداية، ارتبط كلا الناديين بتاريخ وطني وسياسي عميق. فقد نشأ الأهلي في خضم الحركة الوطنية المصرية كمؤسسة جامعة للشباب المصري، بينما ارتبط ريال مدريد بالهوية الإسبانية والملكية، وهو ما يعكسه اسمه الذي يحمل لقب “الملكي”.
” الإنجازات والبطولات: هيمنة قارية لا مثيل لها”
الأهلي المصري: ملك أفريقيا بلا منازع
يُعد الأهلي المصري الأكثر تتويجاً بالبطولات القارية في أفريقيا بحصيلة بلغت 25 بطولة قارية، موزعة كالآتي:
دوري أبطال أفريقيا: 12 لقباً ، كأس الكؤوس الأفريقية (بمسماها القديم): 4 بطولات ، كأس الكونفدرالية: مرة واحدة ، كأس السوبر الأفريقي: 8 مرات ، الكأس الأفرو-آسيوية: مرة واحدة.
” ريال مدريد: سيد أوروبا التاريخي”
على الجانب الآخر، يتربع ريال مدريد على عرش القارة الأوروبية بحصيلة 31 لقباً قارياً، تتوزع على النحو التالي:
دوري أبطال أوروبا: 15 بطولة (رقم قياسي) ، كأس الاتحاد الأوروبي: مرتين، كأس السوبر الأوروبي: 6 مرات
، كأس الإنتركونتيننتال: 3 مرات ، كأس العالم للأندية: 5 مرات ،كأس القارات للأندية: مرة واحدة
وبذلك يتشابه الناديان في هيمنتهما شبه المطلقة على المسابقات القارية، حيث يمثلان مدرستين كرويتين رائدتين في قارتيهما.
” الأساطير والأرقام القياسية”
“أساطير الأهلي المصري”
يحمل حسام عاشور الرقم القياسي كأكثر اللاعبين مشاركة مع الأهلي برصيد 471 مباراة، بينما يتربع رئيس النادي الحالي، محمود الخطيب، على عرش الهدافين التاريخيين للنادي برصيد 157 هدفاً. وقد أنجب النادي الأهلي العديد من الأساطير عبر تاريخه مثل صالح سليم، ومحمد أبو تريكة، وحسن حمدي، وعماد متعب، وغيرهم ممن صنعوا مجد القلعة الحمراء.
” أساطير ريال مدريد”
أما في ريال مدريد، فيُعد راؤول غونزاليس الأكثر مشاركة مع الفريق، بينما يحتفظ كريستيانو رونالدو بالرقم القياسي كهداف تاريخي برصيد مذهل بلغ 450 هدفاً. ويزخر تاريخ الملكي بأساطير الكرة العالمية مثل ألفريدو دي ستيفانو، وفيرينك بوشكاش، وزين الدين زيدان، وراؤول غونزاليس، وسانتياغو برنابيو، وغيرهم.
” الاتهامات والجدل: قصة النفوذ والسلطة”
تتشابه قصة الناديين أيضاً في الاتهامات التي وُجهت إليهما على مر التاريخ بشأن استغلال النفوذ والسلطة للفوز بالبطولات:
” الأهلي والنفوذ الأفريقي”
ارتبط اسم الأهلي المصري باتهامات تتعلق بالاستفادة من علاقات خاصة مع مسؤولي التحكيم المحلي والقاري، وبشكل خاص من خلال ما يُزعم عن علاقته بالرئيس السابق للاتحاد الأفريقي، عيسى حايتو. كما تحدثت بعض التقارير عن دور عبدو البقال في مساعدة النادي للحصول على بطولات محلية من خلال وسائل غير مشروعة.
“ريال مدريد والجنرال فرانكو”
بالمثل، ارتبط صعود ريال مدريد في خمسينيات وستينيات القرن الماضي باسم الجنرال فرانكو، الديكتاتور الإسباني، الذي يُزعم أنه استغل نفوذه لمساعدة النادي الملكي في الفوز بالعديد من نسخ دوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني وكأس الملك. وقد أثارت هذه العلاقة جدلاً واسعاً حول مدى تأثير السياسة في نجاحات النادي الملكي.
“سياسة التعاقدات: بين الصناعة المحلية والاستقطاب العالمي”
“الأهلي المصري: مصنع النجوم”
يتميز الأهلي المصري باعتماده بشكل كبير على أكاديميته التي أنتجت غالبية نجومه التاريخيين، مع انتقاء دقيق للاعبين الأجانب الذين يضيفون قيمة حقيقية للفريق. وقد نجح النادي في الحفاظ على هويته المصرية والأفريقية مع تحقيق إنجازات قارية مبهرة.
” ريال مدريد: سياسة الغالاكتيكوس”
على النقيض، تبنى ريال مدريد، خاصة في العصر الحديث، سياسة “الغالاكتيكوس” التي تعتمد على ضم أبرز نجوم الكرة العالمية بمبالغ خيالية، مثل كريستيانو رونالدو، وغاريث بيل، وكاكا، وديفيد بيكهام، وغيرهم. ومع ذلك، لم يُغفل النادي الملكي أهمية أكاديميته التي أنتجت نجوماً مثل راؤول وكاسياس وغوتي.
” البنية التحتية والاقتصاد الكروي”
” الأهلي: القلعة الحمراء”
يمتلك الأهلي المصري بنية تحتية متميزة تتمثل في مقره بالجزيرة ومدينة الشيخ زايد، وملعب السلام، فضلاً عن أكاديميته المتطورة. ويعتمد النادي في تمويله على عائدات العضوية، وحقوق البث، والرعاية، والاستثمارات المختلفة.
“ريال مدريد: ملعب سانتياغو برنابيو”
يفتخر ريال مدريد بملعبه الأسطوري سانتياغو برنابيو الذي يعد تحفة معمارية، ومدينة فالديبيباس الرياضية. اقتصادياً، يعد ريال مدريد أحد أغنى الأندية في العالم، حيث تتنوع مصادر دخله بين حقوق البث التلفزيوني، والرعاية، وبيع المنتجات، والاستثمارات العقارية والتجارية، فضلاً عن عائدات الملعب والجولات العالمية.
” الجماهير والتأثير الاجتماعي”
” الأهلي: أكثر من مجرد نادٍ”
يتمتع الأهلي المصري بقاعدة جماهيرية ضخمة تتجاوز حدود مصر لتشمل العالم العربي وأفريقيا، ويعتبر أكثر من مجرد نادٍ رياضي، بل مؤسسة اجتماعية لها دورها في تاريخ مصر الحديث.
” ريال مدريد: ظاهرة عالمية”
بالمثل، يتمتع ريال مدريد بشعبية عالمية جارفة تتخطى الحدود الجغرافية والثقافية، حيث يمتلك قاعدة جماهيرية ضخمة في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا إلى جانب أوروبا.
” قطبان متشابهان رغم الاختلاف”
رغم الفوارق الجغرافية والاقتصادية والتاريخية، يبقى الأهلي المصري وريال مدريد الإسباني نموذجين متشابهين لقصة النجاح الكروي. فكلاهما نجح في تحويل كرة القدم من مجرد رياضة إلى مؤسسة ثقافية واجتماعية واقتصادية عابرة للقارات.
ويبقى السؤال الأهم: هل نجاحات هذين الناديين هي ثمرة العمل المؤسسي والإدارة الاحترافية والاستراتيجيات بعيدة المدى؟ أم أن للنفوذ والسلطة والعلاقات دوراً لا يمكن إنكاره في صناعة هذا المجد؟
ربما تكمن الإجابة في المنطقة الرمادية بين هذين الطرفين، فنجاح الأندية الكبرى هو مزيج معقد من العمل الجاد والإدارة الحكيمة، مع استغلال ذكي للفرص والإمكانيات المتاحة، في ظل واقع كروي لا يخلو من التعقيدات والمصالح المتشابكة.
يبقى الأهلي المصري وريال مدريد الإسباني شاهدين على أن الطريق إلى القمة قد يكون وعراً ومليئاً بالتحديات والاتهامات، لكن البقاء في القمة لعقود طويلة هو الإنجاز الحقيقي الذي يستحق التأمل والدراسة.

زر الذهاب إلى الأعلى