الحرب السودانية وآثارها على المدنيين، وكيفية سبل الإصلاح وفقًا للقانون الدولي:
السودان الجريح: حرب طاحنة وآفاق الإصلاح في ظل القانون الدولي*

منذ اندلاع الحرب الدائرة في السودان في 15أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، تحوّلت البلاد إلى مسرح لنزاع عبثي دموي خلّف مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وأجبر الملايين من المدنيين العزل على الفرار من ديارهم بالمدن التي كانت تنبض بالحياة تاركين وراءهم كل ممتلكاتهم واحلامهم، وعلى رأس هذه المدن الخرطوم ومدني وسنجة ونيالا والفاشر، والنهود حتى باتت رمادًا وأشلاءً، فيما بات المدنيون، كعادتهم، يدفعون الثمن الأكبر لاثار هذه الحرب والتي في ظاهرها وفقا لما يزعمون انها حرب كرامة للشعب السوداني وفي جوهرها حرب تنازع على السلطة تحت اخراج تنظيم الاخوان المسلمين فرع السودان انفاذ جنرالات وضباط التنظيم داخل المؤسسة العسكرية وجنرالات وضباط قوات الدعم السريع اليد الباطشة للتنظيم قبل الحرب.
فما هو حادث فعليا على ارض الواقع داخل السودان هو انهيار إنساني كامل وسط صمت العالم اجمع حيث تجاوزت الأزمة السودانية حدود المعاناة اليومية إلى كارثة إنسانية مكتملة الأركان وضربت المجاعة كافة اصقاع البلاد من بعد توقف استمرار انسياب المساعدات الانسانية من قبل الطرفين المتحاربين بحسب تقارير المنظمات الدولية التي تشير إلى استخدام ممنهج للعنف الجنسي، والقصف العشوائي للأحياء السكنيةبكافة المدن، ونهب كافة المستشفيات والمراكز الإنسانية.
هذه الانتهاكات، بحسب القانون الدولي الإنساني، قد ترقى إلى (جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لاشك فيها).
لكن المؤسف ان الجتمع الدولي ما زال لايراوح مكانه بين الإدانات الدبلوماسية والمساعدات المحدودة وفي ظل هذا الشلل، تبرز الحاجة لإطار قانوني وإنساني واضح لإصلاح آثار الحرب، ومنع تكرارها بالتدخل الحاسم لدعم استقرار السودان بحكم مدني ديمقراطي كون المجتمع الدولي يعرف تماما ان السودان هو بوابة افريقيا
للشرق الاوسط واوربا سيما ان الإصلاح يبدأ اساسا بالعدالة والمساواة في قسمة الثروة والسلطة بين اقاليم ومكونات المجتمع السوداني متعدد الاعراق والقبائل والمناطق.
وحيث ان اولى خطوات معالجة آثار الحرب الدائرة في السودان تكمن في(تحقيق العدالة للضحايا)
وهذا لايتاتى الا.بتفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب، من خلال:
1. التحقيق الدولي المحايد: عبر سلطة واشراف الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية وفقا لتوثيق الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها، سواء من الجيش أو الدعم السريع او تنظيم الحركة الاسلامية المخرج الاساسي في اشعال فتيل الاذمة بين الطرفين.
2. دعم آليات العدالة الانتقالية: كإنشاء لجان حقيقة ومصالحة وطنية تُنصف الضحايا وتعترف بمعاناتهم.
3.دعم إعادة الإعمار النفسي والاجتماعي قبل دعم مادمرته الحرب.
فالحرب في الاساس لا تدمر المباني فقط، بل تمزّق النسيج الاجتماعي وتترك جراحًا نفسية عميقة، خاصة لدى الأطفال والنساء وهنا يأتي دور تفعيل برامج مدروسة تشمل:
أ/الدعم النفسي المجتمعي: بتعاون بين الحكومة المدنية المستقبلية ومنظمات المجتمع الدولي الإنسانية بالتوافق مع منظمات المجتمع المدني السوداني المعترف بها.
ب/اعادة دمج النازحين واللاجئين: وضمان عودتهم الآمنة إلى مناطقهم الأصلية، وفقًا لمبادئ القانون الدولي للاجئين.
ج/تحسين البنية وفقا لنصوص القانون الدولي
فبموجب اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها، تلتزم أطراف النزاع بضمان وصول المساعدات الإنسانية وعدم استهداف البنى التحتية المدنية.
اما ما بعد وقوف الحرب، يتطلب:
١/حصر وتعويض المتضررين ماديا ومعنويا.
٢/اعادة إعمار المدارس والمستشفيات ضمن خطة وطنية تُشرف عليها جهات رقابية محلية ودولية لضمان مبدأ الشفافية حيث عرف الفساد في السودان لاكثر من ٣٦ عام عجاف في ظل نظام الديكتاتورية الشمولية للتنظيم الاجرامي.
فلنحو سلام مستدام في السودان وحتى لايتفكك لدويلات عدة تؤثر لاحقا على زعزة امن الاقليم كاملا لابد اولا من التوافق على خلع كامل سلطة ونفوذ الاخوان بالمنطقة نهائيا لاستمرار امان كامل دول افريقيا
فالحل ليس فقط في وقف إطلاق النار، بل في معالجة جذور النزاع والتي تمكن في: التهميش الجهوي/الصراعات القبلية، و/صراع السلطة ولا بد من حوار وطني شامل لا يُقصي أحدًا غير تنظيم الاخوان بكافة منتسبيه من اي مشاركة تاتي لاحقا، يصاغ على أسس ديمقراطية ومدنية، تحت رقابة دولية تضمن نزاهته واستدامته.
خاتمة
السودان الان يقف على مفترق طرق فإما أن يغرق أكثر فأكثر في مستنقع الفوضى عبر عودة سلطة التنظيم الاخواني من خلال جنرالات المؤسسة العسكرية، أو أن ينتهز المجتمع الدولي والمحلي الفرصة لاقتلاعهم بشتي السبل لضمان صياغة مستقبل جديد قائم على العدالة، والقانون، والكرامة الإنسانية الفعلية.
فالحروب تنتهي يوما ما، لكن آثارها لاتزول إلا بإرادة صادقة وخطوات جريئة نحو الإصلاح الحقيقي.