رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

وزارة لله يا محسنين!

في سبعينيات القرن الماضي، أنتج الرشيد مهدي وأخرج إبراهيم ملاسي فيلم “آمال وأحلام”، الذي كان أول عمل سينمائي سوداني، وبارقة أمل حقيقية لصناعة السينما في السودان. ظن الجميع حينها أن هذا المشروع الجريء سيفتح الأبواب أمام الاستثمارات في هذا القطاع، خاصة وأن السودان يزخر بالمؤلفين والدراميين والمناظر الطبيعية الخلابة التي تشكل مادة خصبة لصناعة الأفلام. لكن، وكما اعتدنا في هذا البلد، تعثرت كل الخطوات، وضاعت الآمال والأحلام، وتوقفت التجربة عند حدود الفيلم الأول.

أستحضر هذه القصة القديمة اليوم، وأنا أتابع المشهد السياسي في السودان، حيث كان الجميع يترقب خطاب رئيس الوزراء كامل إدريس، الذي توقع الشعب أن يعلن فيه تشكيل حكومته المنتظرة، بعد  سنوات من الانتظار غير أن الرجل فاجأ الجميع بإعلانه عن “لجنة لاختبار الوزراء”! وكأن السودان في بحبوحة من العيش الكريم والأمن المستتب، بينما الحقيقة أن الشعب يواجه أزمات متلاحقة في الغذاء والدواء والأمن، ويعيش حالة موت بطيء في كل لحظة بسبب الحرب والمرض والجوع.

ويبدو أن السودانيين على موعد مع “فيلم” جديد بأسم ” الأمل ” من إنتاج كامل إدريس — فيلم بعيد عن واقع السياسة ودهاليزها، أشبه بإدارة مؤسسة صغيرة لا بوطن يئن تحت وطأة الحرب والخراب. إن ما يحدث يؤكد أن رئيس الوزراء لا يشعر بحجم الكارثة التي تحيط بالوطن، ولا يدرك خطورة ما يجري في بلد مزقته الحرب وهددته المجاعة والأمراض وانعدام الأمان.

نقولها صراحة لمعالي رئيس الوزراء:
البلدان لا تُدار بالنظريات والتنظير، بل عبر سياسات واضحة واستراتيجيات جادة تعيد الأمن والاستقرار وتضع الناس في قلب الأولويات.

كفى عبثاً بمصير وطن يموت كل يوم.

زر الذهاب إلى الأعلى