رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

عقيدة العسكر.. و الفكر السياسي .. إئتلاف النار والزيت!

هنالك مقولة مشهورة لأحد وزراء الحقبة النازية كان يرددها دائما قائلا إنني حينما اسمع كلمة ثقافة تجدني أتحسس مسدسي فورا !
وهي فرضية تشكيك في روح العسكر القتالية غير الإبداعية وان كانت تمثل جانبا من الحقيقة ولكنها ليست قاعدة يمكن أن تؤخذ على إطلاقها ..فلكل قاعدة كما يقال شواذ ..فالكثير من الأدباء والشعراء و الكتاب والمؤرخين خرجوا من رحم المؤسسات العسكرية بكل تصنيفاتها .
وهنالك شواهد في تاريخ الحركة الثقافية السودانية التي برز فيها رموز عسكريون خلدت أعمالهم أغنيات في وجدان الأمة أو اسفارا في ارفف المكتبات الخ .
بيد أن ما نرمي اليه هنا يتمثل في التاريخ الدموي الذي غالبا ما ينتهي بتقارب العسكر تنافرا بين نرجسية عقيدتهم العنيفة وبين رومانسية السياسيين الحالمة في إمكانية تقاسم كيكة الحكم بينهما بعدالة وشفافية .
وإذا ما استثنينا فترة الستة اعوام التي حكم فيها الفريق ابراهيم عبود والذي لم يعرف عنه التحالف مع فئة سياسية فكرية بعينها ..فلنا أسوأ التجارب التي تمثلت في المفاصلة الماحقة التي فرقت بين حلفائة من اليسار وحكم المشير جعفر نميري التي بدأت بشهر عسل قصير وانتهت بكارثة حلت بذلك التيار السياسي عاني منها لسنوات طويلة .
وتكررت التجربة في حكم المشير عمر البشير و جماعة الإخوان المسلمين والتي افضت إلى مفاصلة خشنة ولكنها أقل دموية فكانت دون شك كارثية على وحدة الوطن و تبديد مواردة و تحطيم بناه التحية و تدمير مؤسساته الحيوية ومشروعاته التاريخية وعدم الاستفادة من خيرات أرضه البترولية التي كانت نقمة على غير ما توقع أن تكون نعمة ترفد تلك المشروعات بالنماء والتطور !
الآن هذه الحرب التي تدور رحاها منذ شهور طويلة وتأكل بشراهة ما تبقى من يابس هذا الوطن الذي لم يبقى في أركانه عود اخضر ..تسير في ذات الإتجاه الخطير لإحياء نار الإحن و صب زيت الخلاف ما بين عسكر الجيش ورموز التيار الإسلامي الذين يمثلهم من يعتقدون بالقول الصراح أن هذه الطغمة التي تجلس على سدة الحكم هي دون المستوى من حيث الروح الجهادية الأصيلة التي تحقق لهم احياء مشروعهم بالصورة الأصولية الراديكالية رغم مااعادته لهم عبر الإنقلاب على مسيرة ثورة ديسمبر من مكاسب مادية وسياسية !
ولعل التراشق الذي طفا إلى سطح الفضاء بالأمس بين عالم الدين المحسوب على التيار الإسلامي الدكتور عبد الحي يوسف من جانب وبين رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة ودخول الفريق مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة من جانب آخر على ذلك الخط الساخن من السجال ..إنما يعكس تماما استحالة بلوغ تحالف النار والزيت في هذه الحرب بين الفريقين إلا إلى واحدة من نتجيتين ..إما احتراق الطبخة لكثرة عبث الأيادي بها وأما انفجار الطنجرة بما فيها جراء اشتداد اللهب بين اثافيها وغليان الزيت بداخلهاةفوق مستوى المنسوب !
نسأل المولى الكريم أن يكف عن بلادنا المأزومة شرور النفوس و كيد المزايدات و يطفئ نار هذا الوطيس قبل أن يطال المزيد من بقايا هذا الوطن المنكوب.
أنه مجيب حميد رحيم .
وهو من وراء القصد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى