
مؤتمر الجزيرة وهو كيان مناصر للقوات المسلحة و الذي برز إلى السطح عقب سقوط مساحات. واسعة من ولاية الجزيرة في ايدي قوات الدعم السريع بعد انسحاب الجيش الحكومي وصفوف إسناده من عناصر المقاومة الشعبية في صبيحة ذلك اليوم الذي اعقب عشية احتفالات عاصمة الجزيرة بما فهم إنه انتصار ساحق للجيش .
ومن هنا بدات نكبة تلك الولاية المنقسمة التراب الان بين طرفي النزاع .
احد قادة كيان مؤتمر الجزيرة الداعم للجيش طبعا في حرب الكرامة وكنيته ( ابو رزان ) بث تسجيلا يتحدث فيه بمرارة واضحة عن خيبة أمله فيما عرف بتكتيكات الجيش التي تنتهي في غالب معاركه لاستعادة بعض مناطق الجزيرة من سيطرة قوات الدعم السريع الى الفشل وعودة عناصر الدعم السريع لتلك المناطق مرة اخرى وضرب مثلا بمدينة ام القرى التي جاءها فزع عودتها للدعم السريع من شمال الجزيرة بقيادة المدعو شارون و من ناحية المحيريبا بقيادة المدعو قجة دون ان تعرتضهم حتى ولو قشة على طول الطريق او تنتاشهم مسيرات الجيش او طائراته ! الشي الذي طرح بعض التساؤلات من ناحية ذلك العضو بمؤتمر الجزيرة جاء بين سطورها الكثير من علامات الريبة والشكوك من طرف خفي حول غض نظر السلطات عن تلك التحركات !!!
ذات التساؤلات صدرت من القيادي الإسلامي و المجاهد في صفوف المقاومة الشعبية المحامي الناجي مصطفى الذي المح هو الآخر في تسجيل مصور عبر الوسائط عبر فيه عن سخطه البالغ متهما بعض الجهات المسئولة التي لم يسمها بانها تعمل على كبح وعرقلة تقدم القوات المتجهة الى ود مدني وحجزها في نقاط معينة او دفعها للتقهقر قبل بلوغ اهدافها مما خلق نوعا من الإحباط وسط صفوف المقاومة الشعبية بما يوحي وحسب قول ذلك المجاهد المتشدد الذي دعا من اسماهم بالضباط الشرفاء لحسم هذا التراخي ..جازما بان الجزيرة ربما تتعرض لمؤامرة تسعى لعدم فكاكها من حالة الكرب التي شلت اطرافها وقصمت ظهر بعيرها !
هذا الكلام لو انه صادر من جهات محايدة تدعو لوقف الحرب لقامت الدنيا له ولم تقعد ولكنه جاء مقلفا بمرارة الظنون من عناصر تقف خلف الجيش بالسلاح و بذل الارواح بل وتتقدمه في بعض المعارك كما يقول بعض شيوخ الحركة الإسلامية !
فيما نحن ابناء الجزيرة الذين ظللنا ولا زلنا نكتوى بجحيم نكبة هذه الولاية الجريحة من داخل المعمعة..تلفنا الحيرة ايضا من مواقف بعض الكتاب الصحفيين والمعلقين عبر القنوات الفضائية وهم من ابناء الجزيرة الذين يتهربون من الإجابة على اسباب انسحاب الجيش من ود مدني اساسا وفتح الممرات لدخول قوات الدعم السريع التي جاءت ارتالها من الخرطوم دون ان يتصدى لها سلاح الجو او تعترضها ايه قوات برية..وكانت إجابة أولئك الصحفين تتمحور فقط في عدم تبرير دخول الدعم السريع الى انحاء الجزيرة رغم انسحاب الجيش دون ان يوضحوا او حتى يتساءلون عن دوافع ذلك الانسحاب المريب لفرقة الجيش من ود مدني بل وظلوا يرددون بكل بساطة القول بان لجنة عسكرية تشكلت لتبيان ذلك الامر ولكنهم لابتجراون على السؤال عن نتائج تحقيقات تلك اللجنة التي يبدو انها دفنت لحظة ميلادها حية لان ماسينجم عن افاداتها قد يفتح الهواء الساخن على ذات الجهات التي تسعى إلى إبقاء الجزيرة في هذا الوضع المزري !
وهو لغز يحتاج إلى تفسير خاصة وان الجزيرة حينما إصابتها سهام هذا الاستهداف ألمرير كانت الملاذ الآمن والحضن الدافئ لملايين النازحين دون من او اذى وهم جموع الذين جاءوا إليها هربا من حرب الخرطوم قبل ان تستشري نارها خارج حدود العاصمة !
ومن المحير ايضا ظهور القائد كيكل منذ يومين متباهيا بكامل اناقته العسكرية وهو يخطب في جموع اهله الذين تسبب في تهجير المئات من قراهم نتيجة توبته الغريبة تلك وتمجيد اعلام الحكومة له بعد ان صال وجال وعاث مساهما في كل الانتهاكات التي افقرت الجزيرة و افرغت شرايين عطائها التي كانت تغذي كل جسد الوطن ..بل ظهر الرجل وكانه ليس المسئول عن تشريد الآلاف الذين هربوا خوفا من الهجمات الارتدادية من قوات الدعم السريع و التي تسبب فيها بانتقاله من ضفة إلى اخرى بصورة لم يحسب لاهو ولا الجهات التي استقبلته كبطل حسابا لعواقب ذلك الانتقال الاستعراضي غير المدروس النتائج ،!
ما يجري في الجزيرة وان كان في عمومايته لايخرج من تبعات هذه الحرب عديمة الجدوى لاي طرف بل اكثر الخاسرين فيها الوطن والمواطن .. ولكن هذا لا ينفي ان الجزيرة تحديدا تتعرض لطعنات نجلاء في بطنها وظهرها و تتنزل الضربات الموجعة على راسها وهي التي اعطت كثيرا ولم تنل الا القليل من الإنصاف و اصابها الكثير الكثير من الجحود الذي بلغ مداه الاقصى.
نسال الله ان يعافي جزيرة الخير ضمن ما نتمناه للوطن من النهوض بانتهاء هذه الحرب التي وصل طرفاها العسكريان إلى مرحلة الإجهاد او ما يسميه الخبراء العسكريون بحالة توازن الضعف .
بينما ينقسم تجاهها السياسيون بين فريق يبحث عن الحلول في خشم بقرة الخارج.. و فريق آخر متبطل في ظلال الحكم الواهن ينتظر في الداخل قسمته من كيكة الإنقلاب التي احترقت في فرن الزمن الضائع من عمر هذا الوطن المحسود على مصائبه المتكالبه على شعبه المسكين !