الأعمدة

رؤى متجددة : أبشر رفاي / يسألونك عن الهدن ومهارات رفع قدرها وتعظيم شأنها رأفة بالمواطن وصونا للوطن .

????في مفهوم بيئة الحرب والحرب القذرة بالذات الهدنة ليست خطوة في إتجاه وقف الحرب وأنما فرصة للاستعداد لمواصلة الحرب وربما بأكثر ضراوة ، السبب الحرب القذرة والخبيثة حرب رمادية الأهداف متعددة الدوافع والروافع والمرجعيات منزوعة المبادئ والقيم والأخلاق ، وبتالي ثمة فرق بينها وبين الحروب الحقوقية التاريخية التي عرفتها تجارب الشعوب والبلدان فهي لا تفعل كما تفعل الحرب القذرة بالشعوب والمجتمعات والدول ومكتسباتها ، أما فيما يتعلق بالهدن في بيئة السلام فهي بلاشك ومضة أمل في آخر نفق الحرب المظلم بالطبيعة . هذا وما دمنا نؤمن أخلاقيا بواجب بث روح الأمل ومكافحة اليأس والقنوط في نفوس المواطنين فمن الواجب مضاعفة الجهد لرفع قدر الهدن والهدنة السارية الآن وتعظيم قدرها بما يخدم المصالح العليا للوطن والمواطن المسكين المغلوب على أمره الذي داهمته الحرب اللعينة بغتة فوجد نفسه في قبضة مآسيها من الدرجة الأولى الموت الجراحات الجروح الآهات الإعاقات الفقد الدمار الخراب النزوح التوافد اللجوء المعاناة المسغبة الإستضعاف هدر العزة والكرامة إنعدام نعمة الأمن بمفهومه الواسع .
نعم إن تجارب الشعب السوداني مع الهدن السابقة على كثرتها وبمن فيها هدنة ال ٢٤ ساعة التي نجحت تجارب مريرة للغاية فأكثر مايتوقعه من أي هدنة معلنة المحافظة على قيمتها الأخلاقية والأنسانية وصونها من خطر الإختراق وتعمد الخرق ، وفي هذا الإطار لقد ظل كثير من المواطنين يتعاملون مع هدوء الهدن على أساس أنه هدوء سابق للعاصفة وهم بذلك محقون بمنطق التجارب والقرائن والممارسات آخرها تجربة هدنة ال ٢٤ التي إندلعت المواجهات بعد عشر دقائق لنهاية زمنها الرسمي ، فلذلك لم يستفد المواطن على الأقل نفسيا ومعنويا من كل تلك الهدن التي أعلنت ، فنتيجة لذلك اصبح المواطن ثابت في موقعه وموقفه حتى يعرف ويرى هل الهدنة صامدة ام ستسقط في أي لحظة ولأتفه الأسباب وربما أخطرها ، ولذلك سيظل المواطن في حالة إنتظار وترقب دائم عند أي هدنة معلنة حتى يبني مستقبل حركته وخياراته عبر الهدنة التي تليها وذلك بمنطق تسلسل الأحداث ، فنجاح الهدن ومنها الهدنة السارية الآن يمثل منصة وقاعدة إنطلاق صلبة لأي هدنة لاحقة ، فالسؤال الذي نود أن نوجهه للميسرين السعودي والأمريكي وللطرفين بمنطوق وثيقة جده ، هل قيمتم وقومتم الهدن السابقة بما فيها هدنة ٢٤ ساعة الأخيرة ووقفتم على نقاط القوة والضعف ووضعتم العلاج الجذري خاصة فيما يتعلق بالعهود والعقود والألتزامات الأخلاقية الموقع عليها عن رضا ووعي ودراية تامة ، هذه نقطة ، النقطة الثانية لماذا لم يذهب التفكير والعصف الذهني للأطراف والميسرين في الإتجاه المبكر لرفع قدر الهدنة وتعظيم شأنها حتي يحس ويتذوق المواطن طعمها أين وحيثما وجد وهنا المقصود إحترام وقف إطلاق النار والإيفاء بحزم الإستحقاقات الإنسانية المقررة .
إن مسألة التفكير المبكر في تطوير وترقية الهدنة للأغراض الإنسانية وفوق الإنسانية ولضمان فاعليتها ورفع قدرها وتعظيم جهدها ينبغي ان يتشكل في خمس محاور وهي المحور العسكري القتالي المحور الإنساني ، المحور السياسي ، محور الوساطة والإسناد الخارحي ، محور التمويل والعمليات التمويلية بمنصاتها الثلاث ، الإنسانية ، والإعمارية ، ومنصة الإنعاش الاقتصادي المبكر والأقتصادي المقتدر . القيمة الأساسية لتخصصية تلك المحاور هي محاضرة ومحاصرة الحرب ودعاتها بإتجاه وقف إطلاق النار الشامل والقضاء عليها تمام عبر جملة من الخطوات والتدابير السياسية الإستراتيجية المحكمة ومن ثم توجة نحو برامج الحقيقة والمصالحة الوطنية الشاملة والمحاور هي :–
١–‘ الوقف الشامل لإطلاق النار ووقف الحرب .
٢— نية وقناعة الميسرين والأطراف الموقعة على أن للهدن والهدنة القائمة هدف إخلاقي إنساني هام وهو إسعاف المواطن السوداني إينما وجد إسعافه من واقعه الأنساني الذي تسببت فيه الحرب اللعينة أما هدفها الإستراتبجي وهو دعم وإسناد برامج حقوق وكرامة الإنسان والتي لن تتأتى إلا في ظل بيئة مترعة بالعفو والتسامح والثقة والتواثق والألتزام بالعهود والعقود .
٣— المحور العسكري نتيجة لحساسية وأهمية وخصوصية هذا المحور وفي ظل أجواء الحرب يجب أن تبحث وتعالج قضاياه في إطارها وفي محيط بيئتها الداخلية بعيدا عن أعين وسمع وارجل وأيدي الإختراقات الأمنية والإستخباراتية والمخابراتبة والتخابرية وذلك من خلال أربع نقاط منطقية حتمية التسلسل ، الألتزام بالأوامر العسكرية و بالضبط والربط وفقا للقانون وقسم الولاء والأداء ، الإستفادة من فرص العفو العام ، الحزم والحسم العسكري وفقا للدستور والقانون ، الإستسلام العسكري ، التفاوض العسكري الداخلي ، الرجوع إلى منصة الترتيبات العسكرية والأمنية كل ذلك في إطار إجراءات وتدابير وقف الحرب ومعالجة جذورها داخل البيئة العسكرية وفي إطار الإيفاء بمستحقات ومطلوبات الفترة الإنتقالية في المجال ، أما فيما يلي موضوع الإصلاح الأمني والعسكري الشامل فهذه من قضايا وموضوعات مشروع العدالة الدستورية الإنتخابية المستدامة وهي عملية طويلة صحيح من الممكن تثبيت مبادئها ومرتكزاتها الدستورية في ظل الفترة الإنتقالية لمنع الاعتداء والإلتفاف عليها في أي مرحلة لاحقة ..
٣– المحور الإنساني حجم هذا المحور ومآسيه الكبيرة والخطيرة لا تغطيها الهدن الهشة المضروبة ومددها القصيرة وأسلوب تقديم الدعم والمساعدات وخارطة توزيعها التي تعاني جملة من التحديات والمهددات ، فالشئ السليم برأينا أولا تحقيق وقف لإطلاق النار طويل الأمد او شامل ثانيا تكامل ادوار المستهدفين بالعون الإنساني إينما وكيفما وجدوا ثالثا تفعيل واجبات ومسئوليات الجهات المختصة بعمليات الغوث والداعمين في شكل ملتقيات ومؤتمرات عملية سريعة رشيقة كالذي دعت له السعودية والأممية المتحدة .
٤– محور الاعمار والإنعاش الأقتصادي المبكر والإقتصادي المقتدر ، يتم تثبيت وهيكلة هذا المحور ضمن السياسات الكلية لوقف الحرب وإقرار السلام على أن يفعل لا حقا بعد إكتمال وتشغيل عمليات المحاور الأخرى المرتبطة بوقف الحرب وبالمشهد العام .
٥ — المحور السياسي بوصفه احد الأسباب الرئيسية لأندلاع الحرب ، قلنا في المرات السابقة ولا نمل القول بأنه ومن الضرورة بمكان تجاوز كافة السياسات والعمليات والأساليب السياسية العقيمة ماقبل إندلاع الحرب تجاوزها بعد الحرب بتأسيس رؤى تحضيرية لمرحلة وطنية قومية جديدة لا تستثني فيها أحد أساسها وحدة الكلمة والصف عبر تفعيل قيم العفو والتسامح والسلام والتي لن تمر وتمرر إلا عبر بوابة واحدة وهي بوابة الحقيقة والمصالحة الأهلية والوطنية الشاملة وذلك عبر تفعيل ميزان العدالة الإنتقالية حتي لا يظن احدا من الإنتقامين ودعاة الكراهية والتكريه السياسي الحزبي الأيدلوجي البغيض والمجتمعي العنصري الأبغض والأجندة الأجنبية الخبيثة والمتخابثة في الشئون الداخلية ، يظن بأن الأمور بتلك الطريقة سائرة بإتجاه الدغمسة واللامحاسبة والإفلات من العدالة .
٦– المحور الخارجي يضم كافة المبادرات المبادرون الميسرون الوسطاء وكل من له علاقة بملف القضية السودانية سرا وعلانية وكذلك بقضية إشعال الحرب ليعمل الجميع بيد واحدة لتحقيق الأمن والسلام والإستقرار المستدام عبر دعم وحدة الجبهة الداخلية والحل الداخلي . والجدير بالتنبيه بشأن الملف السياسي الخطير تتهدده وتتربص به جهات كثيرة وعبر أساليب متعددة كالأحتواء والإلتفاف والمصادرة بإتباع طرق مختلفة كالطريقة الحلزونية والأساليب الحربائية والبرمائية متي وحيثما تحرك الملف ، فتجدهم يمارسون الإبن بطوطية السياسية تارة في جده وتارة في منصة وأروقة الإيغاد على طريقة (حسادك أجاويدك ) وتارة أخرى في الإتحاد ومفوضية الأتحاد الأفريقي فهناك من يتوكأ وتلكأ على عصاة سلطاته ويهش بها على قراراته وله فيها مآرب أخرى ، أما عن الجهات المهددة للملف السياسي علي شاكلة قتل الميت والمشي في جنازته ، والإتجار في القضايا وقضايا الأوطان وفي البشر وحوائج وغرائز ورغبات الناس فهؤلاء معروفون يعرفهم راعي غنم إبليس قبل راعي غنم الإنس ..
قراءة أخيرة على المسهلين وطرفي هدنة جدة ضرورة الإنتباه للخطوط والخطط الإعلامية الموازية والمعقدة للمشهد والمصدرة للحلول والمؤججة لنيران الحرب في السودان ومنها على سبيل المثال فضائيات نفخ ونافخ الكير ، فهؤلاء ينبغي على الميسريين وشركاء هدنة جدة التواصل معهم لا لشئ إلا لتذكيرهم بأن الإعلام رسالة مقدسة ساسه المهنية والشفافية والأخلاق الفاضلة ، وإلا سيكتشف الجميع لا حقا بأنك تبني وغيرك يهدم بالبرامج والسياسات الإعلامية الظلامية الهدامة و كذلك بمعاول الألسن الشريرة وبخائنة الأعين وماتخفي الصدور ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى