الأعمدة

بضغط السلاح في غزة يرتفع الإنتاج في جدة!

القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن المتعلق بتوسيع المساعدات الإنسانية في غزة ، يكرر نفسه للمرة “الدشليون” ، على الأقل في شكله .. لم يتجاوز كونه مجرد إنفعال دولي “عاطفي” يحمل قرارا برقم ، كسابقيه ، لا أكثر ولا أقل ، لن يغير من الأمر شيئا ، ولا يستطيع الوقوف على قدمين والدخول إلى غزة ، إلا بإذن خروج أمريكي ، وتصريح دخول إسرائيلي.

كل ما حصل عليه أهل غزة المكلومين، وعد بتوسيع المساعدات الإنسانية ، و توصيلها إلى كافة أنحاء غزة ، على طرق ، يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي ، له فيها ، اليد العليا في إصدار أذون انتقال شاحنات المساعدات من معبري رفح  ـ كرم ابو سالم ، إلى أي مكان في غزة .. بصيغة أخرى ، أبقى قرار مجلس الأمن ، في جوهره ، سيطرة الجيش الإسرائيلي على عمليات تفتيش ومراقبة المساعدات ، من أول قائمتها ، عددها ، محتوياتها ،أنواعها ، من أجل التشكيك في كل وأي شىء ، وربما حتى في “الألوان الصفراء منها، لتعطيل وصولها.

التعديلات الأمريكية على القرار المقدم من الإمارات ، يوفر لها ، إلى جانب إسرائيل ، أوراق “لعب” جديدة على جبهات القتال ..  فمن جهة ، يمنح إسرائيل الوقت لاستكمال تموضعها العسكري في غزة ، قبل الانقضاض الأخير عليها والإستيلاء  على كل فلسطين ، بسياسة التهجير القسري ، وإزاحتهم نحو سيناء ، وفرض ” الأمر الواقع” .

ومن جهة ثانية، يضمن لأمريكا ورقة ابتزاز أخرى، تحصل بها من العرب ، ما عجزت عنه أثناء الحرب الأوكرانية .. وهو ما يدفع المندوب الأمريكي في مجلس الأمن ، إلى الهبوط بمستوى “المناشدة” العربية إلى مستوى “الاستجداء” ، لا من أجل وقف المقتلة الصهيونية هناك ، إنما من أجل قطعة من “الرحمة ” تسمح بإدخال الغذاء والكساء والدواء ، لشعب يصمد أمام الرصاص في عز برد الشتاء ، ما يمكن واشنطن من مقايضة الدول العربية المطالبة بوقف النار وإدخال المساعدات ، مقابل الاستجابة إلى شروطها في رفع سقف إنتاج النفط ، مقابل “التفكير جديا” في إيقاف مجازر نتينياهو .

مطلوب من السعودية والدول المنتجة ، ضخ كثير من النفط ، لتعويض النقص في استهلاكه اليومي بالأسواق العالمية ، خصوصا وأن الدول المنتجة له (أوبك +) مقبلة على تخفيض جديد في الإنتاج العام المقبل 2024 ، بمقدار 1.66 مليون برميل ، ما يزيد من حاجة السوق اليومية إلى 3.88 مليون برميل، ويفتح الباب أمام ارتفاع الأسعار ، وهو ما ترفضه أوربا وتتعهد أمريكا بمنعه ، لضمان استمرار وبقاء جبهة موحدة أمام روسيا في الميدان الأوكراني.

قد تستخدم واشنطن ورقة “الرحمة” وحالة “الاستجداء المهين”  خلال مفاوضات “المساومة” التي يمهد لها حاليا إيمانويل ماكرون رئيس فرنسا ، وديفيد كاميرون وزير خارجية بريطانيا ، من خلال ربط الإيقاف الدائم لإطلاق النار ، بالقضاء على حماس ، أو إخراجها من غزة على أقل تقدير .. “رحمة” أمريكية، تبدو في “شكلها” مقايضة تحت الضغط  لزيادة المساعدات ، إنما مضمونها الحقيقي، زيادة الإنتاج.

بتقديرات البيت الأبيض ، ونخبة اتخاذ القرار في واشنطن  الأمريكي ، لا توجد “قوة” عربية مؤثرة في الجوار، قادرة على تعطيل المشروع الإسرائيلي، وليس أمام الفلسطينيين والعرب إلا الاستكانة واستجداء السلام مع إسرائيل في الوقت الراهن، وغالبية الجيران، إما  مريض، أو يتعاطى المنشطات الأمريكية ، أو منشغل بملفاته الوطنية ، أو مقيد باتفاقيات وتحالفات دولية ، تحد من تحركاته ومناوراته في الإقليم لمواجهة  أطماع جكومة تل أبيب

ترمي الولايات المتحدة وتسعى ، إلى توظيف حالة “التوسل العربي”، في الابتزاز السياسي الذي تمارسه على العرب من أجل “شوية” رحمة” في غزة  مقابل “شوية” زيادة في إنتاج النفط ، لكسر روسيا ، وإرضاء أوروبا ، والإبقاء على اصطفاف دول حلف الناتو وراء “العم سام”.. أمريكا تساومنا على “الإنسانية” مقابل تنازلات “نفطية” ، وبضغط السلاح في غزة ، قد يرتفع الإنتاج في جدة.
—————————
بقلم: أحمد عادل هاشم

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى