الأعمدة

الذكرى السنوية الثالثة لوفاة الفنان كمال كيلا (2) كمال كيلا المحامي الذي كان يترافع بالموسيقى والالحان

فى يوم 2/1/2024 تمر علينا هذه الأيام الذكرى الثالثة لوفاة فنان الجاز السوداني كمال كيلا والذي كان أحد أعمدة فن الجاز في السودان وعاشق للسودان والسلام وكانت اغلب اغانيه تدعو الى وحد السودان ونبذ الحروب والدعوة الى السلام حتى لقب بحمامة السلام، كان كيلة فنانا مثقفا يحمل شهادة المحاماة من جامعة القاهرة ويجيد التحدث باللغة الفرنسية التي درس بها القانون واللغة الإنجليزية التي كان يجيدها مثل أهلها تماما الى جانب اللغة العربية
عند عودة كمال كيلا الى السودان في العام 1973م قادما من مصر كان العالم كله شرقه وغربه و شماله و جنوبه يغنى ففي الولايات المتحدة كانت موسيقى السول و الار اند بى ٍSoul and R&B طاغية على كل العالم و يسمعها الجميع ويتأثر بها في كل قارات العالم فمغنيين من أمثال راي تشارلز و جيمس براون و ستيف وندر اصبحوا ايقونات عالمية, كما ان موسيقى الريقي ذات الأصول الجامايكية قد أصبحت موسيقى عالمية بفضل مغنيين عمالقة من أمثال بوب مارلي و جيمي كليف و بيتر توش , وكان كمال كيلة نفسه متأثرا بهذه الموسيقى فقد كان معجبا بصفة خاصة بالمغنى الأمريكي الكفيف راي تشارلز الذى كان ملقبا بملك السول ميوزيك وكانت اغنيته الشهيرة hit the road jack المفضلة لدى كيلة فكان يرددها و يضيف اليها بعض الكلمات باللغة العربية كما ان كيلا كان يقلد حركات جيمس براون في الرقص والاستعراض الغنائي , ولذلك عند عودة كمال كيلا الى السودان كان جاهزا و متشوقا لتقديم الجديد و المساهمة مع بقية زملائه الفنانين في الوصول بموسيقى الجاز الى افاق جديدة ولاسيما بعد ما اكتسبه في مصر من خبرة كبيرة تأكدت فيها موهبته وتعززت ثقته بنفسه وفنه وكانت الخرطوم وكأنها تنظر اليه و تناديه ! اذ ان موسيقى الجاز في تلك الفترة تعيش في عصرها الذهبي في السودان فهي قد تخطت مرحلة التأسيس والتي بدأت في أواخر الخمسينيات واوائل الستينيات بواسطة الرواد الأوائل مثل محمد إسماعيل بادى و عثمان المو وبدرالدين عوض و شرحبيل احمد ودخلت مرحلة النضج و الازدهار فقد صارت موسيقى الجاز جزء اصيل من فن الغناء و الموسيقى في السودان والذى تم تقسيمه الى ثلاثة فئات وقتها وهى الغناء الوتري بمصاحبة الأوركسترا والتي كانت فيها الكمنجات المكون الرئيسي فيها وكان من اشهر المغنيين وردى و الكابلي و محمد الأمين و البقية وفن الغناء الشعبي وكان يتكون من المغنى و الكورس ( الشيالين) و الآلات الايقاعية مثل الرق و الطبلة و البنقز وكان كمال ترباس و محمد احمد عوض و محمود على الحاج وعوض الكريم عبدالله وبادى محمد الطيب من ابرز النجوم وان كان بعض المغنيين مثل عبدالوهاب الصادق والنور الجيلاني قد ادخلوا بعض الآلات الموسيقية الغربية مثل البيزجيتار لتقوية الإيقاع و الة المندلين الوترية لإظهار المولودية والخط اللحني , اما موسيقة الجاز فقد عرفت باستخدام الآلات الغربية النحاسية مثل التر ومبيت والتر مبون و الساكسفون وكانت هذه الآلات تستخدم فقط في الموسيقى العسكرية حتى تم إدخالها الى موسيقى الجاز هذا بالإضافة للجيتار و الكيبورد ( الأورغ) و البيزجيتار والدرامز وكانت هذه الآلات حديثة العهد في السودان ولذلك لم تستخدم في أوركسترا الإذاعة و التلفزيون في وقتها و بمرور الزمن أدخلت هذه الآلات و أصبحت الان أساسية في الأوركسترا السودانية وكان ابرز نجوم الجاز في ذلك الوقت هو شرحبيل احمد والذى نال عن جدارة لقب ملك الجاز وذلك بسبب سودنته للموسيقى الغربية ومثابرته و سعيه الدؤوب لتقديم كل جديد و مواكبة التطور في العالم كما ان اغنياته مثل “الليل الهادي ” “وقلبي دق” “ولتتعرف الشوق ” و “حرام ياقلبى ” كانت تلقى نفس القبول و الانتشار لدى الجمهور كمثل أغاني وردى و محمد الأمين وحمد الريح وزيدان إبراهيم , وبجانب شرحبيل كان هناك الجيلاني الواثق صاحب الصوت الاوبرالى واللونية المتفردة وقد كان متأثرا بشدة بموسيقى الريقي التي اجتاحت كل العالم وقتها وكان هنالك أيضا المرحوم عمر عبده صاحب فرقة جاز الديم والذى لقى مصعه وتوفى مع افراد فرقته في العام 1983 اثر حادث سير في طريق مدنى الخرطوم وكان لديه أسلوبه الخاص في الغناء و من اشهر اغانيه هي ” حاجة كولن كولن ” والتي كان يغنيها بلغة الهوسا في غرب افريقيا و اغنية ” ربيع اخضر” والتي صارت تستخدم في رقص العرائس , ومن قلب الخرطوم صدح الفتى الرياضيى وليم اندرية والذى كان يلقب بالغزال الأسمر لرشاقته و سرعته وتفوقه في كرة السلة صدح بأجمل الالحان الغربية وكان يغنى باللغتين العربية و الإنجليزية ومن اشهر اغنياته ” كفاية مزاح” و ” حبيبي قال كلام” وقد فارق وليم اندرية الحياة مبكرا ولم يتجاوز ال25 من عمره اثر مقتله في 4يوليو1976 فيما كان يعرف بغزو المرتزقة للخرطوم . وسرعان ما التحق كمال كيلة بفرقة جاز الافارقة التي أسسها المرحوم عوض عمر ابن مدينة بحرى كما انه كان مشاركا في الغناء في فرقة أضواء بحرى والت أسسها المرحوم الأستاذ بدرالدين عوض الذى يعتبر واحد من اباء موسيقى الجاز في السودان في بحرى حلة حمد وهى الفرقة التي تحولت فيما بعد الى فرقة البلوستارز صاحبة السمعة الأسطورية , وعرف أيضا عنه انه شارك الغناء مع كل نجوم الجاز في السودان مثل الملك شرحبيل احمد و امير الجاز عامر ساكس و أستاذ الجاز صلاح براون وكان مشهودا له بالأبداع من الجميع ,
ونواصل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى