الأعمدة

بلد فيه 230 مليون فدان صالحه للزراعه واطفاله يشتهون البليله،هناك خلل كبير

قبل ان استقر في الخرطوم ،وهو امر لم افكر فيه يوما،او انني كنت اعرف ان الظروف كانت ستجبرني علي هذا القرار ،والذي يبدو- اي القرار- كان اجباريا علي كل الناس بهجرة مواطنها وقراها ومراتع طفولتها وصباها ومسقط راسها ،للسكن في الخرطوم،بعد ان اعلنت كل الولايات انها مناطق شده وغير صالحه لسكن ابن ادم،وذلك للسياسه التي اتبعها اعداء الوطن من النظام المقبور وللابد باذن الله-كيزان الغفله-وطوال اكثر من ثلاثين عاما كانت فترة حكمهم الفاشي البغيض، والذي نهبوا فيه جميع موارد هذا البلد وهدموا بنيتا التحتيه لكل المشاريع ومنها مشروع الجزيره النجم الذي هوي والاسطوره التي تلاشت وانتهت.
مشروع الجزيره شهد ميلادي،كغيرى من الاف ابناء العاملين والموظفين الذين عملوا به،وهو مسقط راسي،حيث ولدت باحد مكاتبه واقسامه علي سفوح احد مواجره وكناراته وترعه تحيط به الترع والمواجر والجنائن والحواشات من كل جهاته،وسط هذه الخضره نشانا في منازل الحكومه تحفنا القرى واهل القرى والكنابي من كل جانب.
كان من الطبيعي ان نرث فيه العمل من ابائنا وتجكادنا واخوالنا والذين مازالوا فيه،اذكر انني قضيت اكثر من عشرين عاما لم ار فيها الخرطوم الا مره واحده ،فقد عبرتها للذهاب للشماليه لوفاة عمي صالح ودعبيدالله،فاخر مره غادرتها من السوق الشعبي من مظلة لوارى القرى وطريق العريجه،وحينما حضرت اليها بعد مده طويله وجدت نفسي في الميناء البرل الذي رايته لاول مره فقد تحولت الخرطوم لاكوام اسمنتيه،طوال هذه المده لم ار او اسافر للخرطوم فقد كانت كشات التجنيد في اوج هوشتها،حينما تفع في يد الكشه،فانك تجد نفسك في احراش الجنوب وجها لوجه اما الات الحرب والتي لاتنجو منها.
من الاسباب التي جعلتنا مستقرين بالمشروع كانت كل سبل المعيشه متوفره لديك وفي منزلك،من منا كان لايملك عشرات الابقار والاغنام والماعز والحمير والبط والدجاج وشباك صيد الاسماك،كانت مواسم الاكل المجاني علي مدار العام،فلا احد يشترى اللبن او الاسماك او البيض او الذره والقمح ،كل الناس هنا يزرعون محاصيلهم ويحصدونها،تمتلئ مخازنهم بما يكفيهم لمدة عام كامل،لا احد هنا يعرف للاسواق طريقا او سبيلا،فكانت مواسم الاكل المجاني وشبه المجان عند موسم الطماطم والفول والذره والقمح واللبن ومنقة ابوجبيهه،كل هذه اللوحه الجميله اصبحت من الماضي وذكريات يتداولها الناس في انسهم ،لم يعد الحال هو نفس الحال،ومازال الناس متشبثون بالارض علي امل ان تحدث معجزه الهيه.
بالامس وفي موقف جاكسون ولاول مره منذ اكثر من خمسة عشر عاما او يزيد،رايت وفره في الفواكه بكل انواعها وقد كانت رخيصه ا وفي متناول الجميع،بحيث كانت عشرين قطعه او اكثر من البرتقال بمبلغ 500 جنيه كذلك القريب فروت ايضا كان رخيصا وحتي التفاح،فهجم المواطنين علي الفواكه زقاموا بشرائها بكميات كبيره جدا،هذا الامر كان يحدث يوميا في زمن غابر،غير عهد الكيزان.
يبكو انه مازال هنتك امل وضوء في اخر النفق،من اننا سنستعيد ماضي وفرة محاصيلنا كما كانت.
احدي الموجهات بالتعليم،وكما هو متداول بالميديا،زارت احدي المدارس ،وسالت طالبه،عن اي شئ ينقصكم لنحضره لكم،فكان رد الطالبه للموجهه دايرين بليله بس،اوووووووه يالهي،اطفالنا يشتهون البليله في بلد يزجك فيه 230 مليون فدان صالحه للزراعه،هناك خلل يجب ازالته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى